×

طرف أيلول بالرئاسة مبلول؟

التصنيف: أقلام

2023-09-08  05:03 م  246

 
كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

عارف العبد المدن

تزدحم خلال الأيام المقبلة المواعيد والاستحقاقات من مختلف الأطراف وفي كل الاتجاهات، لتطرح أكثر من سؤال حول النتيجة التي يمكن أن تخرج بها الأيام المقبلة والمواعيد الآتية، بما تحمله من تطورات وآمال واحتمالات مكثفة ومتعددة.

 

أول وأبرز المواعيد والمواضيع المطروحة تتمثل بالمبادرة أو الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، لرؤساء الكتل النيابية للحوار سبعة أيام في خلال هذا الشهر، حيث قال في ذكرى الإمام الصدر: "تعالوا في شهر أيلول لحوار في المجلس النيابي لرؤساء الكتل النيابية، لمدة حدها الأقصى 7 أيام، وبعدها نذهب إلى جلسات مفتوحة ومتتالية لانتخاب رئيس للجمهورية".

 

لماذا سبعة أيام وليس خمسة أو ثلاثة؟ لا أحد يعلم، ولا أحد لديه الجواب.

 

عملياً، سيشكل مصير دعوة برّي الحوارية منطلقاً لتوجهات وتفرعات جديدة في الأزمة الراهنة، التي انطلقت مع خلو سدة الرئاسة الأولى بعد نهاية ولاية العماد ميشال عون. وهي تترافق مع مجموعة من الأحداث المؤثرة والاحتمالات التي تحملها وترافقها، أبرزها الزيارة التي قام بها مؤخراً مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكشتاين، إلى لبنان، والتي حملت معها مجموعة من الإشارات الواضحة والدالة، والتي قد يكون لها تأثير على الملف الرئيسي في لبنان، وهو ملف انتخابات الرئاسة.

 

بالرغم من الطابع السياحي لزيارة وجولة هوكشتاين، إلا أنها حملت مجموعة من الإشارات التي لا يمكن التغاضي عنها أو القفز فوقها.

 

أول هذه الإشارات أن هوكشتاين الذي شدد على أهمية استمرار وثبات الاستقرار في منطقة جنوب لبنان ومنطقة الحفر والاستكشاف النفطية لأسباب متعددة، باتت معروفة، ألمح إلى إمكانية أن يطرح ويثار في المستقبل موضوع ترسيم وتحديد الحدود البرية الجنوبية للبنان.

 

من الطبيعي أن لا يوضع هذا الموضوع على بساط البحث الآن، وتحديداً بسبب شغور منصب رئيس الجمهورية، الذي أناط به الدستور اللبناني مهمة قيادة أية مفاوضات خارجية، ومثل هذه المهمة. وهذا أمر يعرفه كل الأطراف.

 

زيارة هوكشتاين استكشفت الأجواء والنوايا حيال هذا الأمر، وإن كان الوسيط الأميركي يعرف أنه ليس الآن أوانه، بل إن الأمر قد يأتي دوره في المستقبل.

 

صحيح أن الوسيط الأميركي قد غلّب الطابع السياحي على جولته، لكنه في الوقت عينه أرسل من خلال هذه الجولة إشارات دالة ومهمة، أولها أن الخلوة الوحيدة التي عقدها كانت مع الرئيس برّي في نهاية اجتماعه معه في عين التينة، ليخرج بعدها مشيداً بنتائج وأجواء هذا اللقاء.

 

ماذا دار في الخلوة بينهما؟

 

أغلب المحطات التي تنقل فيها كانت في مناطق تعتبر من ضمن بيئة الثنائي الحاكم حالياً في لبنان، حركة أمل وحزب الله، وتحديداً في الجنوب والبقاع، حيث انطلق من مذاق المنقوشة إلى نكهة "الصفيحة البعلبكية"، في ظل آثار قلعة بعلبك التي خلفتها الامبراطورية الأولى في العالم، أي الامبراطورية الرومانية.

 

الخلوة السياسية كانت مع برّي، والسياحة والتنقل كانا في رحاب برّي وحزب الله وبين الجنوب والبقاع. وهما الثنائي الذي سبق أن ضمن عملياً نجاح اتفاق التنقيب النفطي، الذي احتاجته وتحتاجه أميركا الآن وفي هذه الظروف.

 

الإشارة الهوكشتانية الاميركية، الأكثر قوة بمعانيها السياسية أتت عبر الأثير التلفزيوني، وعن طريق دبلوماسية الإعلام والانفتاح، عبر المقابلة التي خص بها هوكشتاين محطة التلفزيون التابعة للرئيس برّي (أن. بي. أن) وهي المحطة الشقيقة المقربة بالخط والتوجه السياسي من تلفزيون المنار، حيث فتح لها المجال والفرصة للدخول إلى مبنى السفارة الأميركية في عوكر، مع ابتسامة عريضة. ومرر من خلالها رسائل في كل الاتجاهات، لمن كان يعتقد أن العقوبات الأميركية قد اقتربت من إصابة برّي، مما دفع الأخير الذي فهم معاني الرسالة بالموافقة على المقابلة الحدث، للتفاخر في وجه من أسماهم "الوشاة"، أمام الجمهور في المهرجان، والقول "خيطوا بغير هالمسلة".

 

عملياً حقق الرئيس برّي، المفاوض المتقدم عن محور الثامن من آذار، كسباً إعلامياً ومعنوياً قوياً، لا يستهان به وفي أكثر من اتجاه، مما أربك الخصوم وأزعجهم. وهو لن يتأخر في استثماره.

 

في المقابل، لم يكن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع موفقاً في الشكل، حين ظهر في خطاب ذكرى شهداء القوات من معراب، وهو يستخدم لهجة هجومية حربية حادة، بوصفه خصومه في المقلب الآخر بالمجرمين.

 

صحيح أن جعجع قد استند في موقفه إلى مبررات وحجج قوية، لكنه أضاع في هذه الإطلالة الأخيرة من معراب فرصة إعلامية وسياسية، كان يمكنه كسبها لو أبقى على قوة منطق المحاججة العقلانية السلمية والمدنية، أسلوباً وسلاحاً له.

 

تصرف جعجع وكأنه على أبواب انتخابات نيابية مصيرية، لكسب أكبر قدر من إثارة الجمهور وتأطيره، فجانبه صواب التقدير الدقيق.

 

لقد ساهمت المقاطع العسكرية والحربية المصورة التي عرضت خلال المهرجان في إرسال إشارات ورسائل إعلامية وسياسية لا تخدم منطق التمسك بالدستور والقانون والدولة السيدة والمدنية، التي يقول جعجع أنه يدافع عنها.

 

تبقى خلال الأيام المقبلة مناسبات واستحقاقات متعددة، أبرزها زيارة الوسيط الفرنسي وزير الخارجية الأسبق، جان إيف لودريان، وما يحكى عن موفدين من قطر والسعودية.

 

إذا كان البعض يعوّل على الحوار الثنائي بين جبران باسيل وحزب الله، فإن أخبار اللقاء بين محمد رعد وقائد الجيش العماد جوزف عون لم تكن برداً وسلاماً على التيار الوطني الحر، الذي قد يحشر في زاوية المناورة والمرونة، التي قد لا يفوت حزب الله شهر أيلول من دونها.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا