من التناحر إلى التبخر

التصنيف: أقلام
2023-10-06 10:31 م 322
كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.
عارف العبد المندن
الرئيسية
سياسة
من التناحر إلى التبخر
عارف العبد
الجمعة 2023/10/06
حين تسمع الوزراء تخال نفسك في حلم أو مسرح فوضوي (دالاتي ونهرا)
حجم الخط
مشاركة عبر
لم يسبق ان هيمن وساد الإسفاف والتفاهة كما هو جارٍ الآن في لبنان.
وصل الأمر أن سُئل وزير الخارجية عبد الله بوحبيب على الهواء مباشرة من قبل محاور تلفزيوني، ماذا تقول لزميلك وزير المهجرين عصام شرف الدين الموجود معنا في الاستديو الآن، فأجاب بطلاقة وأريحية ومن دون تردد: "أقول له خفف حكي"!
بطبيعة الحال، فإن هذا الجواب الكثير التهذيب واللياقة من وزير خارجية لبنان عبد الله بو حبيب لزميله الوزير الآخر، أشعل أجواء الوزير الزميل المقابل، الذي رد بكل صنوف السباب والشتائم والنعوت التي لا تسمعها إلا في مواقف السيارات وأسواق باعة الخضار والأحذية وتجار الجملة والمفرق. وللتدقيق أكثر، فإن حوار الباعة في الأسواق الشعبية أكثر "هضامة" وتهذيباً وكياسة من حوار الوزيرين اللقيطين في آخر زمن المعجزة اللبنانية، التي تتناسل خراباً وانهياراً وانحطاطاً من دون توقف.
بطبيعة الحال، فإن الوزير المُهان على الهواء كان قد افتتح من دون مسوغ أو رادع، سباق الإهانات بحق زملاء له في الحكومة من وقت طويل، ولم يوفر حتى رئيس الحكومة في الإهانات والتشبيهات والاتهامات والشتائم الكبيرة منها والصغيرة والمقزعة، حتى تخال وأنت تسمع ما يقوله وزير المهجرين تجاه آخرين، أن عشرات القتلى سيتساقطون جراء هذا الكلام وهذه الكلمات الجارحة، المحشوة بالشرر السفيه المتطاير.
حين تسمع هؤلاء الوزراء يتحدثون ويشرحون ببلاهة عن الأمور والأوضاع، تخال نفسك في حلم أو مسرح فوضوي للدمى والألعاب.
اتحفنا وزير الاقتصاد مثلاً، في أحد المواقف، بالقول إنه يصرف من جيبه على الوزارة! فيما الروائح الكريهة الفائحة في محيط مكتبه تخنق وتقطع الأنفاس.
في مشهد آخر، يتندر الصحافيون والمحاورون على الهواء بفرح وحبور وسعادة في بعض الأحيان والبرامج، بمقولة: "هل جاء دور شنط أو حقائب الأموال لكي توزع على بعض النواب بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية، أم لم يحن أوانها بعد؟ لكن المحاور المطلع وصاحب الباع الطويل يجيب: لا تخافي يا زميلتي، فإن شنط وحقائب الأموال آتية لا ريب فيها، ولا تستعجلي الأمر. فكل ما يجري هو عبارة عن "تحماية" أو مقدمات أو تحضير الأجواء، لوقت قدوم الشنط، فما من انتخابات رئاسة في لبنان من دون حقائب وشنط أموال وبكل العملات. فتجيبه الزميلة المحاورة ضاحكة، الله يبشرك بالخير..! وما نفهمه منك أن الشنط لم يحن دورها بعد، فيجيب لا اطمئني إنها آتية ولو تأخرت، فدورها سيكون أساسياً في الربع الساعة الأخيرة.
لكن المشهد الأكثر طرافة ومدعاة للشفقة والاشمئزاز، يتمثل بتكرار رئيس التيار العنيد، الذي يشحط معه القائد والأب والمؤسس من قرية إلى أخرى مدللاً ومشيراً عليه لحشد القرويين والفلاحين من قرية إلى أخرى، ومن دسكرة إلى بلدة أو مدينة ريفية، بعد بلدة ومجموعة منازل، للقول تعالوا انظروا، إن القائد المحبوب معي هنا وفي جيبي، ويسير إلى جانبي، وهو يؤيدني ويمحضني ثقته الكاملة الآن وغداً وفي كل حين، فلا تنسوا التقاط الصور وهو إلى جانبي ومعي، إنها فرصة لا تعوض طالما هو قادر على المشي والحركة، فهو يريدني ويدعمني أنا وما من أحد غيري.
وفي المناسبة، ما من خجل في اغتنام الفرصة السانحة لوقوف قائد الجيش السابق على خشبة المسرح مبتسماً لصهره النزق، وهو يطلق هجومه لذبح ونحر قائد جيش حالي، والتشهير به وبضباطه واتهامه بخيانة الأمانة والثقة والنكول والفساد وتقبل الرشى على الحواجز، لتهريب سوريين وغيرهم، والسبب بطبيعة الحال، لأن اسمه ماض في التقدم، وحظوظه قد تكون وافرة في الوصول إلى سدة الرئاسة التي نحجزها لنا وحدنا وليس لغيرنا.
لكن المدهش وسط هذا الكم من العجائب اللبنانية، أن التفسيرات لموقف واقتراح أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لم تستقر على جواب مقنع أو أرضية واحدة. فالسيد نصرالله، وببساطة، تقدم باقتراح جديد وغريب ومدهش حقاً، من أجل معالجة أزمة النازحين السوريين. وهذا الاقتراح المتهور، لا يمكن أن "يركب على قوس قزح"، فهو تخطى هجومية وابتكار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفتح الحدود إلى أوروبا أمام النازحين السوريين، باقتراح آخر لا يقل غرابة، والذي تمثل بالقيام بتنظيم رحلات بحرية، وبالسماح للنازحين السوريين بالصعود إلى السفن، وليس الزوارق المطاطية الصغيرة والخطرة، والسماح لهم ودفعهم للتوجه إلى دول أوروبا العجوز، للضغط عليها لوقف مخطط دعم النازحين في لبنان.
هذا الاقتراح من جانب السيد نصرالله لم يمنع بعض خصومه من القول إن السيد ساهم في تهجير السكان السوريين من أراضيهم ومنازلهم في سوريا، يوم انتقل للقتال إلى جانب النظام الحاكم، ودفاعاً وحماية له، باعتباره نظاماً مقاوماً. والآن يريد تهجيرهم إلى أوروبا لأنه منخرط إلى جانب النظام نفسه، في مخطط التغيير والتبديل الديمغرافي الجاري إعداده وتنفيذه في سوريا لمصلحة الأقليات في البلد الشقيق.
لم يكن موفقاً السيد نصرالله في اقتراحه ذاك. فهل يعقل أن يتحول لبنان إلى وكالة سفريات وترحيل للنازحين على ظهور السفن باتجاه أوروبا والغرب عموماً؟
وكيف لدولة عضو في الأمم المتحدة، وهي الوطن الرسالة والنموذج في المقاومة والعيش المشترك، أن تنخرط في عمل فوضوي مماثل، وهي بحاجة للدعم والمساندة لإعادة النهوض؟
في الانتظار تسيطر على السوق السياسي أفكار المنجمين والمنقبين والباحثين عن الحلول والمبادرات المقبلة، كمثل المطالبة "بدوحة 2" أو "دوحة بلاس"، وبتعديل النظام كشرط للمبادلة بين هذا المطلب للتراجع عن ترشيح سليمان فرنجية، حيث يطالب ويصر، حسبما يشاع، "الثنائي الوطني"، على حصص وازنة وصلبة وأساسية، كما يقال ويروج، في النظام المتهالك الذي لم يبق منه أي أثر سوى بعض النتف، نتيجة التناحر وغياب أي تفكير جامع وحل ناجح في الاستعداد والتهيئة للتبخر في مطبخ الخرائط، التي تعد في المنطقة بعيداً عن أي دور أو وجود للبنان، على وقع مشاريع مرتجلة متحابة مطّبعة مغامرة ومتسرعة ومضحكة أحياناً من هنا وهناك.
أخبار ذات صلة
هل يكون السلاح الفلسطيني ورقة حزب الله الأخيرة؟
2025-04-20 05:20 ص 42
في يوم الأسير الفلسطيني لابد للقيد أن ينكسر مهما طال أمد الاحتلال ... بقلم د. وسيم وني
2025-04-17 05:45 م 59
موسم جني الثمار
2025-04-13 03:29 م 140
توماس فريدمان: نتنياهو يُطيل أمد الحرب في غزة لسببين
2025-04-10 05:37 ص 102
سباق بين امتثال طهران لأمريكا والضربة الكبرى: «وحدة الساحات» في المسار المعاكس!
2025-04-06 10:16 ص 132
لا خطة واضحة.. هل تقدر حكومة لبنان على نزع سلا
2025-04-05 05:53 ص 142
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا

هذا المقال موجه لأبناء مدينة صيدا أقرأوه وأفهموه الانتخابات صيدا
2025-04-19 06:04 م

ال بدو يعرف هيدا رسم الترشيح للإنتخابات البلدية و الاختيارية
2025-04-15 05:51 ص

11 نصيحة بسيطة للحفاظ على صحة الكبد
2025-04-13 10:19 ص

الانتخابات البلدية في صيدا تتجه نحو الإبتزاز مالي والحصص والهيمنة
2025-04-01 02:10 م

الدكتور حازم بديع يحول صيدا من الليل إلى النهار
2025-03-24 11:30 ص

قيمة صادمة لفاتورة الكهرباء الشهرية للحرم المكي.. تقرير يكشف ويثير تفاعلا