×

صيدا… بين ضغوط النزوح وتحديات إعادة الهيكلة: هل نحن مجتمع حروب أم وطن للنهضة؟

التصنيف: أقلام

2024-11-20  05:41 م  126

 

كل مقال يعبّر عن رأي كاتبه، ولا يمثّل بأي شكل من الأشكال سياسة الموقع.

بقلم الدكتور محمد حسيب البزري 

مدينة صيدا، القلب النابض للجنوب اللبناني، تعيش تحديات سياسية واجتماعية تتراكم مع مرور الزمن. فبين إرث الحروب الطويلة وضغوط النزوح الجنوبي الناتج عن صراعات متكررة، يجد المجتمع الصيداوي نفسه أمام معضلة وجودية: هل نبقى أسرى لدورة الحروب والصراعات، أم نتجه نحو إعادة هيكلة جذرية للقطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟

 

المعاناة الصيداوية من إرث الحروب:

لطالما عانت صيدا، كغيرها من المدن اللبنانية، من تداعيات الحروب التي أنهكت لبنان لعقود. الحروب لم تكتفِ بتدمير البنية التحتية فحسب، بل زرعت في النفوس خوفاً دائماً من المستقبل، وأثرت على النسيج الاجتماعي الذي كان يوماً ما رمزاً للوحدة والتعايش.

 

ضغط النزوح الجنوبي:

رغم أن صيدا فتحت أبوابها لأبناء الجنوب النازحين خلال الحروب، إلا أن الضغوط الناتجة عن هذا النزوح أصبحت عبئاً على المدينة وأهلها. فبين محدودية الموارد وتدهور الخدمات، بات من الضروري التحدث بجرأة عن سياسات مستدامة تحقق العدالة للجميع، دون المساس بحقوق الضيوف، مع الحفاظ على خصوصية المدينة وهويتها.

 

تردي القطاعات التعليمية والاقتصادية:

لم تقف الحروب عند تدمير البنية المادية، بل امتدت لتضرب نظام التعليم الذي كان يوماً مصدر فخر لكل لبناني. المدارس والجامعات باتت تعاني من ضعف التمويل، وهجرة الكفاءات، ما أدى إلى تراجع جودة التعليم بشكل كبير. وفي الجانب الاقتصادي، تسبب إفلاس البنوك وانهيار الليرة اللبنانية في دخول البلاد في دوامة من الفقر والبطالة، ما زاد من الضغط على العائلات الصيداوية التي كانت تعاني أصلاً.

 

الحل: إعادة الهيكلة بدلاً من الحروب:

اليوم، بعد مرور عشرات السنين من الحروب والتراجع، حان الوقت لإعادة التفكير جذرياً. فبدلاً من البقاء أسرى لدورة الحروب، يجب أن نسعى إلى إعادة هيكلة كل القطاعات:

 1. السياسة:

 • بناء نظام سياسي جديد قائم على الكفاءة والشفافية.

 • تعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار.

 • إنهاء الانقسامات الطائفية التي تعيق تقدم المجتمع.

 2. الاقتصاد:

 • التركيز على الاقتصاد الإنتاجي بدلاً من الريعي.

 • دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في صيدا لتوفير فرص عمل.

 • إعادة الثقة في النظام المصرفي من خلال إصلاح جذري.

 3. التعليم:

 • إعادة تمويل المدارس والجامعات.

 • تطوير المناهج لتواكب العصر وتلبي احتياجات السوق.

 • تقديم منح تعليمية للأسر المتضررة من الحروب والنزوح.

 4. المجتمع:

 • تعزيز قيم الوحدة والتسامح بين كل مكونات المجتمع.

 • دعم مبادرات المجتمع المدني لتحسين الخدمات الأساسية.

 • إيجاد حلول عادلة ومستدامة لأزمة النزوح.

 

الخاتمة:

مدينة صيدا اليوم تقف أمام مفترق طرق حاسم. إما أن تبقى عالقة في دائرة الحروب والنزاعات، أو أن تتخذ قراراً جريئاً بالسير نحو إعادة هيكلة شاملة تعيد لها مكانتها كرمز للتعايش والعمل المشترك. المستقبل ليس في الحرب، بل في بناء وطن يليق بأبنائه، يعيد الأمل لكل مواطن، ويكون نموذجاً للنهضة الحقيقية.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا