×

الصدفيّة»: مرض غير معدٍ أسبابه غامضة وعلاجه عسير

التصنيف: الشباب

2010-11-08  09:06 م  1554

 

 

ملاك مكي
في تاريخ الحروب والفتوحات، تعرّض الكثير من الأشخاص للاضطهاد بسبب أفكارهم ومعتقداتهم الدينيّة والسياسية، لكنّ بعضهم ظلم أيضا لإصابته بأمراض معينة، ومن بينها داء الصدفية. وليس مرض الصدفية بمرض جديد، بل يعود إلى أزمنة قديمة، وجدت آثاره في المومياوات المصرية. واستعمل مصطلح الصدفية للمرّة الأولى من قبل الطبيب الإغريقي جالينوس (130-200 م.).
ولقرون عدّة، لم يكن هناك تمييز بين مرض الصدفيّة وبين داء الجذام (أي الجرب) وهو من أخطر الأمراض الجلديّة المعديّة ويستعدي عزل المصابين في أماكن خاصة. وكانت الكنيسة تعتبر المرضى في عداد الموتى. وفي سنة 1313، أمر ملك فرنسا فيليب الرابع (1268-1314 ) بإحراق المصابين بالجذام. وفي سنة 1809، حّدد الطبيب الانكليزي روبرت ويلان بشكل دقيق مؤشرات المرض. وفي سنة 1941، تمكّن الطبيب النمساوي هيبرا من الفصل التام والنهائي بين مرض الجذام وبين الصدفية.
يعتبر مرض الصدفية التهابا جلديا مزمنا، غير معد، ناتجا من توسّع في الشرايين، ومن دورة حياتيّة سريعة وكثيفة للطبقات الخارجيّة من الجلد مع عدم تقشير للطبقات كما هو مفترض، ما يؤدّي إلى ظهور بقع حمراء سميكة مغطاة بقشرة بيضاء.
تعود تلك الاعراض إلى تتالي الوسائط الالتهابية في طبقات الجلد السفلى. وتتراوح نسبة انتشار المرض عالميا بين اثنين إلى ثلاثة في المئة، عند النساء كما الرجال، وهو يصيب الأفراد من مختلف الأعمار.
لا يحدّد الأطباء أسباب المرض بدقّة. فهناك عوامل عدة ساعدت في بروز الصدفية، منها وراثي، أو التعرّض لصدمة نفسيّة (ولا يفسّر الاختصاصيّون العلاقة القائمة بين العارض النفسي والالتهاب الجلدي) أو الإصابة بجروح، أو تناول بعض الأدوية كحاصرات المستقبل بيتا، التي تعطى لمرضى القلب. ويؤثر عاملا التدخين وتناول الكحول على نسبة انتشار الداء.
ومنذ فترة، اتفق معظم أطباء الجلد في العالم على اعتبار الصدفية من أمراض المناعة الذاتيّة أي إن نظام المناعة الخاص بالجسم يصاب بخلل، فيبدأ بفبركة مضادات لخلايا الطبقة الخارجية للجلد تؤدّي إلى تسارعها. وفي اليوم العالمي لمرض الصدفيّة الذي يصادف في التاسع والعشرين من تشرين الأول من كل عام، يحاول اختصاصي الجلد في العالم دحض الصورة العالقة في أذهان الناس الذين ما زالوا يعتقدون أن الصدفيّة هي مرض معدٍ، ناتج من عدم احترام قواعد النظافة الشخصيّة. في لبنان.
وللغاية ذاتها، نظّمت الجمعيّة اللبنانيّة لأطباء الأمراض الجلدية وبالتعاون مع الجمعيّة اللبنانيّة لأمراض المفاصل يوما طبّيا خاصا بمرض الصدفيّة في «بيت الطبيب»، شارك فيه أطباء الجلد والمرضى والمهتمّون للإضاءة على مختلف الجوانب المتعلّقة بهذا المرض.
ويوضح الاختصاصي في الأمراض الجلديّة د. عبد القادر حرب أنّ الصدفيّة أنواع، منها ما يصيب الركب والمرفقين ويعتبر الأكثر شيوعا، ومنها الذي يظهر منقطا عند الأطفال، ومنها ما لا يستثني أي عضو خارجي من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين بما فيها الشفتان، واللسان، الجفون، والأعضاء التناسليّة.. ومنها ما يؤدي إلى أوجاع في المفاصل.
وبالرغم من أنّ المرض مزمن، حاول الإنسان منذ القدم معالجته بأدوية شتى منها القطران، والكورتيزون الموضعي ومشتقات الفيتامين «د». وعالج الاختصاصيّون البقع بعدها بواسطة الأشعة فوق البنفسجيّ التي تثبط وسائط الالتهاب. وتؤدي أشعة الشمس دورا ايجابيا في المعالجة. كما استعملت أدويّة أخرى كالميتوتركسات المخفف للالتهاب والفيتامين «أ» الذي يحدّ من التكاثر القوي للخلايا. ويشرح د. حرب أنّ المقاربات العلاجيّة تعتمد الآن على العلاج البيولوجي المرتكز على إعطاء حقن تحتوي على مضادات خاصة بالمريض تثبّط عوامل الالتهاب. وتؤخذ الحقن تحت إشراف طبّي دقيق لوجود مضاعفات ثانويّة عدة.
ويذكّر د.حرب بأنّ الضمان الصحّي ومؤسسات الجيش وشركات التأمين ووزارة الصحّة تأخذ على عاتقها توفير الأدوية المكلفة جدا.
ولا يؤمن أي من تلك العلاجات الشفاء الكامل لكنها تحدّ من استفحال المرض وعلى المريض أنّ يتابعها، برغم ملله، لتجنّب انتشار البقع في كامل الجسد. وفي أحيان كثيرة، يزيد مرض الصدفية من خطر الإصابة بأمراض القلب، والضغط والسكّري ولا يدرك الأطباء حتّى الآن إن كانت تلك الأمراض تنتج من الصدفيّة أو من الأدويّة العلاجيّة.
من جهة أخرى، تشير بعض المقالات إلى ارتباط الصدفيّة بالنظام الغذائي لكن د. حرب ينفي ذلك، بالرغم من أنّ المصابين يتعرضون لزيادة في الوزن

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا