×

السعودي: "أرصفة المرفأ ستكون بطول 1300 متر والكلفة النقدية للمشروع 50 مليون دولار"

التصنيف: مواضيع حارة

2019-02-21  10:43 ص  552

 

حوارسمير البساط

حلم ثان يتحقق لأبناء مدينة صيدا بعد الحلم الاول الذي تمثل بازالة جبل النفايات الذي ظل لسنوات عديدة يبث سمومه في صدور أبناء المدينة وإن كان هذا الحلم عكرته مؤخراً عواصف روائح العوادم التي تهب عليه بين الحين والاخر لتفقده بريقه الذي كان يتوّجه بعد الاحتفال بتحويل الجبل الى حديقة .

الحلم الثاني الذي يأخذ طريقه الى الواقع وقد يتحقق في السنوات القليلة القادمة هو إنشاء مرفا تجاري جديد بديلاً عن المرفأ الحالي الذي لا يمكن ان يفي حاجة عاصمة الجنوب، وتحقيق هذا الحلم ليس أمراً غريباً على مدينة ساحلية متوسطية مثل صيدا ، فهذه الفكرة أي فكرة توسيع مرفأ صيدا وتطويره، ليست حديثة لان المرفأ نفسه ليس حديثا فهو يمتد الى ايام الفينيقيين والصليبيين، وصولا الى الحكم المعني.

فالبحر فعّال في حياة المدينة وتاريخها منذ تأسيسها، منه ذهب الحرف منذ فجر التاريخ ومنه الارجوان والانسجة الجميلة وصناعة الزجاج، وكانت مملكة صيدون مهداً لمختلف النشاطات التجارية والصناعية ، واسطولها يمخر البحار ويقيم الحضارات ويخلف وراءه المستعمرات، والصليبيون جعلوا منه ومن المدينة قاعدة تجارية تؤمها البعثات وكل من يتعاطى التجارة، من أصقاع الدنيا.

وما لبث المرفأ في فترة حكم الامير فخر الدين المعني الكبير ان اخذ دوره الرائد في الحركة الاقتصادية والتجارية فكان صلة الوصل بين الجاليات الشرقية والغربية، يُنقل عبره ماكان في سهول بلاد الشام وبلاد المشرق، من صناعات وانتاج الى اسواق الغرب مع الحضارة اليها ايضاً. والتاريخ الحديث حدثنا عن الاتصالات بينه وبين المرافئ الاوروبية ولاسيما مرسيليا حيث كانت العلاقة وطيدة والتجار الفرنج ياتون ويستوردون عبره الغلال والاقطان وسواها. وجاء في سفر التكوين ان صيدا في مينائها كانت تسبق العالم باسره بتجارتها الواسعة في عهد السلالة الفرعونية الثامنة عشرة اي نحو 1400 ق.م. لكن التجارة وازدهارها في جزيرة كريت تركا اثرهما في مرفأ صيدا وقلّلا من منزلته لفترة من الزمن دون ان يسيئا الى الشهرة العالمية لصيدا خاصة في صناعة الارجوان والاصباغ والبرونز والزجاج .

في عهد الامير فخر الدين ظلت صيدا احد المرافئ العامة لتبادل التجارة بين اوروبا والشرق حتى بداية القرن التاسع عشر ومرد ذلك الى الجبال اللبنانية التي جعلت منها منفذاً طبيعياً لسوريا والبلاد العربية والمشرقية نحو البحر، بل مرفأ لدمشق وتجارتها ولم يفقد ميناء صيدا دوره الرئيسي الا حين شقت في القرن التاسع عشر طريق بيروت – دمشق نحو العام 1860 .

وتوالت على صيدا احداث زعزعت قوتها البحرية والاقتصادية منها :

  • الزلزال عام 1873وكان من جرائه ان تصدعت اقسام كبيرة من المدينة وضواحيها.
  • قذف المرفأ والقلعة البحرية بقنابل الاساطيل الانكليزية والنمساوية عندما تدخلت الدول الغربية لمساعدة الباب العالي.
  • افتتاح طريق واصلة بيروت بدمشق في عام 1860وقاضية على اهمية صيدا البحرية ونزوح الكثير من تجارها الى بيروت ليتمكنوا من التعامل مع دمشق مباشرة، رغم ذلك لم تهدأ حركته فاستقبل 155 باخرة و833 مركبا شراعيا في 1909 وبقيت المراكب الشراعية تتردد اليه، وازدهرت المراكب الشراعية ما بين 1930 و1950 ونشطت التجارة من مرفا صيدا الى المرافئ المصرية والسودانية والفلسطينية، الا ان زيارة البواخر التجارية بقيت منحسرة وشبه معدومة وبلغت عام 1943 اربعا فقط ولم يقض على نشاط مرفأ صيدا، الا عندما منعت الحرب العالمية الثانية انزال البضائع فيه اذ كانت رسوم جمركها تفوق خمس مئة ليرة لبنانية وهو مبلغ مرتفع في تلك الأيام، وبما ان حياة المدينة كانت ولا تزال تتوقف الى حد كبير على المرفا فان هلاك المرفا يعني هلاكها ايضا. وكان عامرا ومقصدا لبلاد الغرب وها هو يندثر وينكفئ بزوال ايام فخر الدين وينتقل الثقل التجاري والصناعي الى العاصمة بيروت ومرفأها وجوارها وغدت بيروت تستقطب معظم اللبنانيين بفرص العمل المتوفرة فيها واحتضانها كل الدوائر الرسمية فاختل التوازن الاقتصادي وضاقت العاصمة بمن فيها واذا بمرفا بيروت يعج بالسفن والارصفة تضيق بها وكل ينتظر دوره في التفريغ يحيث كانت ايام انتظار التفريغ اكثر من 45 يوما ويتكبد اصحاب البضائع مصاريف اضافية تعود تاليا على المستهلك اللبناني والعربي الذي كان استيراده عبر مرفا بيروت.

من هنا قامت فكرة إنشاء مرفا مساعد لمرفا بيروت قريب منه يحقق الفرص لابناء الجنوب للمساهمة في تطوير الاقتصاد اللبناني وتنظيمه ويحقق حلم الصيداويين باعادة الامجاد الغابرة لمدينتهم فراحوا يطالبون في مطلع السبعينات بمرفأ حديث يكون في النتيجة حلا لمشكلة ازدحام البواخر في مرفا بيروت وينعش صيدا إقتصاديا وتجاريا وصناعيا في آن.

وقد بذلت محاولات عدة خلال السنوات الماضية تراوحت أفكارها بين توسيع المرفأ القديم او انشاء مرفأ جديد الى ان استقر الرأي مؤخراً على الحل الثاني القاضي بإنشاء مرفأ تجاري جديد وتحويل المرفأ القديم الى مرفأ للصيادين. مشروع إنشاء مرفأ جديد كان موضوع الحوار الذي أجريناه مع رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي الذي وضعنا في أجواء كل ما جرى ويجري بما خص مشروع المرفأ الجديد، وفي مكتبه في بلدية صيدا كان هذا اللقاء الذي إبتدأناه بالسؤال التالي:

كيف ومن اين انطلقت فكرة إنشاء المرفأ الجديد ؟

في شتاء العام 2012 هبّت على صيدا عاصفة قوية واجتاحت الأنواء رصيف البوليفار البحري الجديد في منطقة خليج اسكندر وحطمت جزءا منه ووصلت المياه الى البيوت، حينها سألوني في اتصال هاتفي مع اذاعة صوت لبنان عن وضع العاصفة في صيدا، فقلت ان لدينا "تسونامي" صغير. وعندما علم دولة الرئيس فؤاد السنيورة بهذا الميني تسونامي، استفسر مني عن الأمر وأخبرته بما جرى. وجاء بعد ذلك مدير عام النقل الأستاذ عبد الحفيظ القيسي لمعاينة الأضرار عن قرب، وتبين ان السبب في ما جرى ان هذه المنطقة التي ذكرتها غير محمية. في ذلك الوقت كان هناك مشروع لتوسيع الميناء الأساسي كانت هناك اموال مرصودة لإقامة سنسول يصل لغاية الزيرة. حينها قلنا ان هذا المشروع سيضرب القلعة البحرية ودورها التراثي والسياحي، وارتأينا ان ندخر الأموال لإنشاء حاجز أمواج لمنطقة خليج اسكندر ونكون بذلك ضربنا عصفورين بحجر واحد: اولاً نستفيد منه في اقامة حوض مائي في المستقبل لإنشاء ميناء جديد وفي نفس الوقت نحمي الطريق البحرية. في ذلك الوقت كان الأستاذ غازي العريضي وزيرا للأشغال فاتصلنا به ورحب بالفكرة وطلب منا المباشرة بالمشروع، فوضعت مديرية النقل التصميم واجرت مناقصة ولزمته وبدأ العمل .

هل كان هناك صوت معارض لهذا المشروع؟

نعم واكثر من ذلك كانت تظاهرات وقال المعترضون ان هذه المنطقة فيها اسماك واننا نقتل رزق الصيادين في هذا الحوض، وجرى أخذ ورد بين البلدية وبين المعارضين لكن الآن لم تعد هناك معارضة للمشروع بعدما تبين انه مشروع حيوي للمدينة.

هل تعتبرأنها كانت معارضة بيئية أم سياسية ؟

بل سياسية بامتياز، والدليل ان من كانوا يعترضون، هاهم اليوم ينتظرون انجاز المشروع.

هل لك أن تضعنا في تفاصيل مشروع المرفأ الجديد؟

المشروع عبارة عن انشاء ارصفة بطول 450 مترا، وكان التصميم في البداية يلحظ انشاء ميناء سياحي لليخوت في المنطقة المحاذية للبوليفار وكانت المرحلة الأولى عبارة عن رصيف بطول 150 مترا وبعمق غاطس 10 امتار، هذه المرحلة انجزت منذ سنتين والرصيف اصبح جاهزا لإستقبال السفن، وبالفعل جاءت سفن واحتمت في حوض الميناء الجديد ابان العواصف القوية لكن رسميا نحن لا نستعمله بانتظار انجاز كافة مراحل الميناء. وقمنا لاحقاً بتعديل المرحلة الثانية على اساس انه بدلا من اقامة ارصفة بطول 450 مترا تصبح 1300 متر ارصفة اي ثلاثة اضعاف والعمق على 10 امتار في كل الحوض، اي اننا الغينا مكان اليخوت السياحية وابقينا كل الأرصفة بعمق 10 امتار وبأطوال 1300 متر ارصفة، وهو سيكون ميناء ضخم لأن مساحة الحوض الاجمالية تبلغ حوالي 250 الف متر مربع، والمنطقة المردومة خلفه تتيح ما يحتاجه المرفأ الجديد من مساحات لإقامة منشآت ومرافق ومستودعات مرفئية. وكما قلت اننا نستطيع حاليا وفي اي وقت استقبال سفن في المرفأ الجديد انما لن نفتتحه رسميا الا بعد اكتماله كلياً وهذا مرتبط بتأمين الميزانية اللازمة لذلك، فهو يحتاج الى 75 مليار ليرة كتكلفة تقريبية لكامل المشروع اي 50 مليون دولار مقسمة على 3 اقساط 25 مليارا كل قسط ، كانت على اساس 3 سنوات، وبالتالي المدة الأخيرة تتوقف على تأمين المال من  وزارة المالية.

ما هو حجم السفن التي يستطيع المرفأ الجديد ان يستقبلها؟

يستقبل السفن لغاية غاطس عشرة امتار، وبالتالي يمكنه استقبال بواخر تجارية وسياحية لغاية 10 آلاف طن.

ماذا عن الميناء القديم وماذا سيكون مصيره؟

عندما ينجز المرفأ الجديد سيحول القديم الى ميناء للصيادين وهذا له مشروع جاهز وتصاميمه انجزت من قبل بلدية برشلونة وهو يكلف تقريبا بين 12 و15 مليون دولار .

هل هناك تواصل مع مدن حوض المتوسط بشأن تفعيل الحركة التجارية والملاحية معهم ؟

أكيد التواصل موجود، فصيدا عضو في شبكة المدن المتوسطية ومركزها برشلونة ونحن على اتصال دائم معهم وهم يساعدوننا كما ذكرت، وبطبيعة الحال سيكون ثمة تبادلاً مع دول البحر المتوسط الصديقة .

أخيراً سألنا المهندس السعودي :

هل تعتبر ان مشروع المرفأ هو اهم انجاز حققه محمد السعودي مع حفظ الألقاب ام ان مشروع ازالة جبل النفايات كان الأهم ؟

محمد السعودي جاء ليزيل جبل النفايات وهذه كانت مهمته الأولى وأنجزت، ثم كان مشروع  المرفأ الذي كان حلماً لأهالي صيدا. انما في الوقت الحاضر مشروع المرفأ الجديد لا يقل اهمية عن اي مشروع أنجزناه في المدينة لأنه سيخلق آلاف فرص العمل. فمثلاً حاليا ًوقبل ان ينجز المرفأ جاءنا عرض من تاجر سيارات يأتي بها من اوروبا واميركا بأن يستعمل رصيف المرفأ الجديد وانه مستعد لأن يدفع للبلدية عن كل سيارة يتم انزالها عليه مائة دولار، فإذا تم انزال 3000 سيارة هذا يعني ان هناك 300 الف دولار مدخول لمدينة صيدا من باخرة واحدة تأتي ليومين او ثلاثة فكيف اذا جاءت عدة بواخر كل فترة؟. هذا يعني خلق فرص عمل للآلاف ويعود بمدخول كبير للمدينة، وإلى حين يتحقق ذلك ما علينا سوى إنتظار تحقيق الحلم الثاني.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا