×

سليمان وعون تراجعا عن الحقيبة ولم يتّفقا على الوزير

التصنيف: سياسة

2011-05-11  08:29 ص  1160

 

 

لأنه لا يسع أحداً توقّع حلّ مأزق تأليف الحكومة، يبدو كل تحرّك، في أي اتجاه، عاملاً مساعداً على إخراج الجميع من مشكلة تعذّر توافقهم على حكومة جديدة. القاسم المشترك الأكثر شيوعاً: إما لا يريدون تأليف الحكومة، أو لم يعد في إمكانهم تأليفها
نقولا ناصيف
يكاد يجتمع في الأسبوعين الأخيرين انتعاش الآمال في احتمال تأليف الحكومة في إيجابية واحدة حتى الآن، هي أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميشال عون تراجعا خطوة واحدة عن تصلبهما حيال حصول كل منهما على حقيبة الداخلية، عندما فتحا باباً على الحوار في هذه العقبة، ووافقا على الخوض في أسماء محتملة لتولّي الحقيبة، من غير أن يكونا اتفقا على الأمر، ومن غير أن يوحيا بأنهما أصبحا جاهزين للتفاهم على مصير الحقيبة.
اكتفيا ظاهراً بأن قبلا على مضض بتبادل أسماء والانفتاح على خيارات مختلفة لا تضع حقيبة الداخلية في يد أحدهما من أجل أن يسجّل انتصاراً سياسياً على الآخر. إلا أن التوصّل إلى اتفاق على توزير مَن سيشغل الحقيبة يتم بتوافقهما معاً. كانت فاتحة تراجعهما مداولات الخميس 28 نيسان بين سليمان والرئيس المكلف نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وانتهى تداولهم إلى اقتراح العميد بول مطر مرشحاً محتملاً للتوزير. ومع أن ترشيحه سرعان ما انكفأ إلى ما قبل اتفاق الخميس بعد رفض الرئيس هذا الترشيح، إلا أن الأخير، وكذلك رئيس تكتل التغيير والإصلاح، أظهرا لأول مرة منذ تكليف ميقاتي، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، مرونة للخوض في أسماء جديدة.
والواضح أن هذا المؤشر، الإيجابي بدلالاته الظاهرة، غير كاف للقول بإمكان إحداث اختراق جدّي في مأزق أزمة التأليف التي تُبرز، يوماً بعد آخر، معطيات تلو أخرى:
1ـــــ على وفرة ما يُقال عن صلاحياتهما الدستورية وما تنصّ عليه بالفعل، لا يبدو جدّياً القول إن التأليف هو قرار رئيسي الجمهورية والحكومة وحدهما، وإن صلاحياتهما الدستورية تخوّلهما ذلك. أفصح عن هذه الثغرة، المناقضة لتلك الصلاحيات، إخفاق الرئيس المكلف في إعلان حكومة أمر واقع للمرة الثالثة على التوالي. عندما كُلّف رغب في تأليف حكومة مصغرة على صورة حكومته الأولى عام 2005، وفاتح بعض مراجعيه في إعادة توزير بعض مَن كانوا قد وُزّروا في تلك الحكومة. ثم أثار تأليف حكومة أمر واقع مرتين في الشهرين الماضيين، وكان يتردّد في محيط الرئيس المكلف أن مسوّدتها في جيبه، وكان يصطدم دائماً بتحفّظ شريكه المنظور في السلطة الإجرائية رئيس الجمهورية، وشريكه غير المنظور في تنظيم الخلاف مع الغالبية النيابية الجديدة رئيس المجلس نبيه برّي الذي يمثل بالنسبة إلى ميقاتي ركناً رئيسياً لإمرار الحكومة في البرلمان.
لم يشجّع سليمان وبرّي الرئيس المكلف على مغامرة حكومة أمر واقع تارة، وحكومة تكنوقراط طوراً، تستعيد تجربة عام 2005 في مرحلة مناقضة تماماً لتلك في أحسن الأحوال. ليس التأليف في يد ميقاتي وحده، ولا في يده ورئيس الجمهورية وحدهما. بل بات، أكثر من أي وقت آخر، يتصل بتوازن القوى الذي يجعل التأليف ونيل الثقة في البرلمان رزمة واحدة، غير قابلة للتجزئة أو التحايل في إخراجها، أو اعتماد سياسة الخطوات المتدرّجة لتذليل العراقيل، وإن استغرق بعض الوقت في مرحلة تفصل ما بعد التأليف عمّا قبل المثول أمام مجلس النواب.
مغزى ذلك أن إبصار الحكومة النور يعني اجتيازها سلفاً ثقة مجلس النواب. لم يعد من السهولة بمكان تقبّل تجزئة تكوين السلطة الإجرائية على نحو ما شاع قبل أكثر من شهر في أوساط ميقاتي وبعض الغالبية النيابية الجديدة: تصدر مراسيم الحكومة الجديدة وتصفّي مرحلة تصريف حكومة الرئيس سعد الحريري الأعمال وتخرج نهائياً من الحكم. إلا أن الحكومة الجديدة، حكومة أمر واقع، لا تمثل أمام مجلس النواب إلا بعد تذليل سائر العقبات المحيطة بالتحفّظ عنها.
2ـــــ لأن أياً من العقبات، سوى حقيبة الداخلية، لم يُبتّ بعد، ولا خيض في التفاوض عليه، فإن تفاهماً على الشخصية الموزّرة في حقيبة الداخلية لن يفضي حكماً إلى تأليف الحكومة.
بقبوله بأسماء محتملة لحقيبة الداخلية، نزع عون عن نفسه صورة المعرقل الوحيد للتأليف، ولم تعد المشكلة تدور في فلكه وحده. وإذ عدّ نفسه شريكاً في المواجهة مع رئيس الجمهورية على حقيبة الداخلية، إلا أنه ليس كذلك في الخلاف الناشب بين الرئيس المكلف وحزب الله على توزير المعارضة السنّية. وكانت دمشق أبلغت إلى السيد طه ميقاتي، شقيق الرئيس المكلف، قبل أكثر من أسبوعين، أنها جاهزة للمساعدة: حلّوا سائر عقد التأليف ووزّعوا الحقائب بينكم، وأنا أتكفّل بإيجاد حلّ ملائم لحقيبة الداخلية إذا استمرت مشكلة قائمة. لم تُسوَّ الحقيبة ولا سواها.
يبرز عندئذ أكثر من سبب يخفي عدم استعجال الأفرقاء المعنيين، بمن فيهم رئيس الجمهورية والرئيس المكلف التأليف، أو في أحسن الأحوال وجود قطبة مخفية تتجاوز النزاعات والعناد الداخلي إلى دوافع إقليمية تعلّق التأليف حتى إشعار آخر ـــــ وقد يمتد إلى أمد أطول ـــــ على فوضى اضطرابات المنطقة، وأخصّها ما يجري في سوريا. وكان ميقاتي صارح الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في اجتماعهما غير المعلن في 5 نيسان، ولم تكن الاضطرابات في سوريا تفاقمت إلى الحدّ الحالي، بأنه يرغب لو قُدّر له في انتظار تسوية سورية ـــــ سعودية على لبنان تريح هذا البلد وتمكّن الرئيس المكلف من إطلاق حكومته بالتعويل على هذه المظلة.
3 ـــــ وفق ما نُسب إلى الرئيس المكلف في لقاءات مغلقة في طرابلس، في عطلة نهاية الأسبوع، استشمّت الغالبية النيابية الجديدة أنه ليس قريباً أبداً من تأليف وشيك، ولم يُلقِ بأوراقه وشروطه كلها، ولا أوقف ساعة إبطاء التأليف عن دورانها.
قال لمجتمعين به هناك إنه لم يأتِ إلى رئاسة الحكومة كي يتسبّب في تشعّب الفتنة، بل من أجل وأدها. لمّحت فكرته تلك إلى استمرار إيمانه بحكومة لا تستثني أي فريق من صفوفها. وقال إنه لن يُقدم على عمل لا تريده الطائفة السنّية أو توافق عليه. انطوت فكرته هذه على أنه لا يزال يأخذ في الاعتبار إرضاء دار الفتوى واستجابة مخاوفها وعدم استفزاز سلفه المبتعد.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا