×

بلدة الصالحية: حافظت على مساحتها الخضراء وبيتئها وتراثها

التصنيف: سياسة

2011-06-08  11:05 ص  5926

 

ثريا حسن زعيتر

 

تتكأ بلدة الصالحية - شرقي صيدا على كتف مرتفع من المساحات الخضراء، لتجمع فيها روح المدينة والدفء القروي، فيشكلان علامة فارقة في نموذج البلدات التي عادة يغلب عليها طابع دون الآخر، حتى أنها توصف بالزهرة وسط حديقة من الأزهار المشرقة، حيث يميّزها هذا الكم الكبير من أشجار الزينون و"البوصفير" اللذين يُشكلان مصدر رزق لأبنائها، فضلاً عن وظائف الدولة والمؤسسات الخاصة..
عين الضيعة.. كروم الزيتون.. والمروج.. والقطعة.. وجلال الغمق.. ووادي أبو هاشم.. وعين العصافير... أماكن تركت ذكريات جميلة لأهالي الصالحية، ما زال يتناقلها الأبناء عن الآباء والأجداد، في تمسك واضح بالأرض والانتماء، بعيداً عن الهجرة القسرية التي تُفرض ضريبتها عادةً على أبناء البلدات، سعياً وراء العمل ولقمة العيش، فيفضّلون البقاء عن الرحيل، ويتحملون مسؤولياتهم تجاه بلدتهم، إن كان في الشأن العام أو المحافظة على تراثها، وما زرعه أجدادهم وأباؤهم..
"لــواء صيدا والجنوب" جال في الضيعة وشوارعها، ناقلاً صورة واقعها، قبل أن يحط رحاله في بلديتها ويلتقي رئيسها المهندس نقولا أندراوس..

البلدة والتسمية
تقع بلدة الصالحية الى الشرق من مدينة صيدا، وتبعد عن مركز القضاء 5 كلم، وعن العاصمة بيروت 50 كلم، وترتفع عن سطح البحر 350 متراً،  بينما تبلغ مساحتها 1500 كلم2، ويحدها كفرجرة، مجدليون، عبرا وكفريا، ويبلغ عدد سكانها المسجّلين في النفوس 4250 شخصاً.
يعود أصل تسمية الصالحية، نسبةً الى رجل صالح وشيخ جليل سكنها مع عائلته يدعى "صالح"، وأُطلق إسمه عليها لأنه أول من سكنها وأشاد فيها مسكناً، بحيث شكل مع أبنائه وأحفاده مجمعاً سكنياً، وتطور ليكون بلدة الصالحية.
وأبرز عائلات البلدات، هي: أندراوس، أشقر، دندش، أبو زيد، خوري، قسيس، فرحات، حداد، صليبا، نصر الله وديب، وذلك من أصل 35 عائلة.
انتخب أول مجلس بلدي في الصالحية في العام 1966 وكان رئيسه ديب الديك، ثم نقولا متري 1971، وجورج دندن 1985، وديب متري 1998،  ونقولا أندراوس 2004 وما زال حتى الآن.
وفي جولة ميدانية داخل البلدة، يستقبلك صوت العصافير، وهي تغرد لهدوء البلدة، حيث تنتقل من شجرة الى أخرى، لتُشير الى مساحتها الخضراء التي شكّلت مصدر فخر واعتزاز لأبنائها، فيما شارعها الرئيسي الذي يوصلك الى "عروس الشلال" جزين، يقطع الصوت بضجيج حركة سيارات التي لا تهدأ، بينما ينصرف الأهالي الى أشغالهم، في المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية التي فتحت أبوابها لتعلن البلدة مدينة صغيرة، يميّزها وجود: "دار العناية"، "معمل صناعة الشموع الحديث"، مركز "جمعية إنماء العالمية"، "التعاونية الزراعية"، الحديقة العامة، و"مركز تثقيفي للشباب" ونادٍ مع إستراحات للمغتربين.

أندراوس
 رئيس بلدية الصالحية المهندس نقولا أندراوس، أكد "أن الهدف الأول الذي وضعه المجلس البلدي، هو الحفاظ على المساحات الخضراء في البلدة، على قاعدة الحفاظ على البيئة، ولقد استوحيت الفكرة من القرى الأوروبية الموجودة على الساحل المتوسط، وكان هناك نظرة للأمور من الناحية القروية عبر المحافظة على "ضيعتنا" من زحف الباطون العشوائي بسبب غياب التنظيم المدني، فأغلبية مهندسين المدن لا يملكون الخلفية حول التنظيم البيئي، فالإنسان أبن بيئته، ويجب أن يتعاطى معها بعلاقة الإنتماء".
وقال: إن شعارنا هو المحافظة على البيئة من أجل أولادنا، لأنهم سيقولون يوماً ما إن المجلس البلدي يُفكر بمستقبل الإنسان، من مدينة صيدا الى بلدة الصالحية لم يكن هناك مساحات خضراء، فحرصنا على إنشاء حديقة عامة، وهي تعتبر أكبر حديقة في الجنوب، إن لم تكن في لبنان فمساحتها حوالى 8 آلاف متر مربع من الإخضرار، وتتضمن خيماً يعلوها القرميد الأحمر، لتكون أمكنة للجلوس والإستراحة لمن يرغب، وجهّزناها بحمامات ومطبخ وكافتيريا، إضافة الى ملاعب: كرة السلة، كرة الطائرة والمضرب، وتعتبر متنفساً للأولاد يُمارسون فيها نشاطهم الرياضي.

ميزة التعايش
وأضاف: إن ما يميز بلدة الصالحية، هو إنتاج "البوصفير" وصناعة ماء الزهر، والأكيدنيا، وزراعة الزيتون والمعاصر، التي كانت خمسة، وأصبحت الآن واحدة فقط، وللحفاظ على مساحة البلدة، التي تُشكل منها حقول الزيتون 65%، فرضنا على الأشخاص، الذين يقومون باقتلاع شجرة زيتون للبناء، أن يزرعوا واحدة بديلة من جديد، كما تتميز البلدة بالمقاهي والمطاعم، فهناك حوالى 6 مطاعم و3 مقاهي، وهي مصدر رزق لأهالي الصالحية، ومكان للتلاقي والترويح عن النفس من أبناء المنطقة والجوار.
وأوضح "أن البلدية بصدد تنفيذ أول مشروع، وهو إقامة نقاط الإطفاء، فالبلدة تملك أشجار الزيتون، وهناك خوف من الحرائق، ما يعرض الأولاد والأهالي الذين يتنزهون بشكل دائم الى خطر الحرائق، فقد تعرضنا السنة الماضية لحريق، وقمنا بإخماده بإطفائية عادية، وهذا أمر خطر جداً، وهذا المشروع قد نطوره بالتعاون مع البلدات الأخرى لنستطيع السيطرة على أي حريق، ومنع اتلاق المساحات الخضراء، علماً أن هذا المشروع مُكلف جداً".
وأوضح "أن المخطط التوجيهي الذي قلل من مساحة البناء لصالح الإخضرار، كان يهدف الى الحفاظ على البيئة وليس التفرقة، وإذا سألت أياً من السكان ماذا تغيّر في الصالحية، فيقولون لم يتغير شيء، فنحن في الصالحية حريصون على حسن الجوار والحفاظ على ميزة هذه المنطقة بالتلاقي والتآخي".
ويعتز أندراوس "بالتعايش في البلدة التي تُشكل نموذجاً للتعايش المسيحي – الإسلامي، وهذا ما قام بتكريسه المجلس البلدي، على قاعدة أن "الصالحيين" - أي أهالي البلدة - والمقيمين فيها هم واحد لا تفرقة بينهم، يتقاسمون لقمة العيش ويتشاركون الحلوة والمرة كعائلة واحدة، ولذلك لم تتأثر البلدة بالشحن الطائفي، نتيجة الأزمة السياسية في لبنان، ولم يتغير شيء".

المجلس البلدي
يتألف المجلس البلدي في الصالحية من: المهندس نقولا أندراوس: رئيساً، يوسف الجبيلي: نائباً للرئيس، والأعضاء: "بسام الديك، جوزيف الأشقر، جوزيف دندن، خليل مزهر، جان حداد، رفيق ديب وفادي القسيس"، وفيها مختار واحد هو يوسف أبو زيد.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا