×

حجبت شعرها فحجب الإعلام فكرها

التصنيف: أمن

2009-10-20  01:23 م  1609

 

 

مادونا سمعان
هي قطعة قماش رقيقة تختارها في كل مرة منسقة مع ما ترتديه، رسمت كل الفرق، وحاكت كل الامتياز الذي جعل من النائبة في البرلمان البلجيكي ماهينور أوزدمير محط أنظار رجال السياسة والإعلام على حدّ سواء.
فالنائبة منذ 7 حزيران، لم تستق نجوميتها من كونها الأصغر سناً، خاصة أنها دخلت البرلمان عن عمر 26 عاماً. كما لم ينشغل الشعب بها وقد أصبحت تمثله وهي ما زالت تحمل هويتها التركية (إلى جانب البلجيكية). ولا لأنها خاضت معركتها، هي المسلمة، باسم «المركز الديموقراطي الإنساني» أي الحزب الاجتماعي المسيحي.
حجبت شعرها عن إيمان، فقرّر خصومها والإعلام حجب فكرها، محولين الأنظار عنه إلى الحجاب الذي يلف رأسها، واصفين إياه بالخنجر في خاصرة العلمانية البلجيكية.
حين دخلت قاعة المحاضرات في فندق «فينيسيا» واعتلت منبرها، ضمن فعاليات «منتدى المرأة العربية والمستقبل»، لم تبدُ صورتها مطابقة للشخصية الإعلامية المرسومة عنها. فالصخب الذي رافق حملتها الانتخابية ومن ثم فوزها، يقابله هدوء شديد وصوت خافت ووجه ناعم دائم الابتسام.
«سعادة النائبة» تتصرف كمن لا تعنيه كل السطور التي كتبت وتكتب عنها. قالت لـ«السفير» إنها ستواظب على تكريس شعار آمنت به منذ خوضها العمل السياسي: «المهم ما هو في رأسنا وليس ما هو على رأسنا».
ولعلّها فوجئت من ردود الفعل الشاجبة لدخولها الندوة البرلمانية. لكنّها تؤكد على أمرين. الأول هو أن «بلجيكا بلد ديموقراطي وعلماني ويتقبّل الجميع على اختلاف مشاربهم». والثاني أن خوضها المعركة لم يأت بقرار منها، بل بقرار من الحزب الذي تنتمي إليه، و«الذي أصرّ على ترشيحي من ضمن الكوتا النسائية، رغم معارضتي في البداية».
ولدت أوزدمير وترعرعت في حي «شاربيك» في العاصمة البلجيكية بروكسل. وهي تتحدر من عائلة تركية ما زالت تحمل جنسيتها، ومن أبوين تاجرين. اختارت ارتداء الحجاب عن اقتناع في سن الـ14، «من دون أن يفرضه أحد عليّ والدليل أن شقيقتي غير محجبة».
لاحظت الفتاة أن الاهتمام السياسي في المنطقة موجّه تجاه السياسة الخارجية أكثر منه تجاه الداخل. ولمست، حسبما تقول مشاكل اجتماعية كبيرة «تعشعش» في منطقتها، أبرزها «البطالة وعدم متابعة الشباب لتحصيلهم العملي»، حتى أن الحزب المسيطر فيها رفض إنشاء مكتبة عامة. ووجدت نفسها تتجه نحو التخصص في السياسة فحازت على شهادة في العلوم السياسية من «جامعة بروكسل الحرّة».
وتروي أنها قبيل أحد الانتخابات البلدية اطلعت على برامج الأحزاب في العاصمة فقررت التصويت لـ«المركز الديموقراطي الإنساني»، «لأنه ينظر إلى الإنسان بتجرّد وبلا تفرقة». ثم قرّرت الانضمام إليه وكانت أولى البصمات الخاصة، كونها مسلمة محجبة تدخل حزباً مسيحياً فرنكوفونياً.
وعن رأيها في عدم السماح للتركيات المحجبات بالدخول إلى البرلمان في تركيا، واغتنامها فرصة غير متاحة لها في بلدها الأم، تجيب أن «تركيا تعيش علمانيتها «على الطريقة الفرنسية»، في حين أن «بلجيكا بلد ديموقراطي يؤمن بتعددية المعتقد والرأي».
وهي في الأصل لا يمكنها التحيّز لجنسيتها البلجيكية أو لجذورها التركية ولا لدينها أو حزبها، إذ ترى نفسها «أحجية (بازل) لا يمكن الاستغناء عن جزء منها وإلا لما اكتملت الصورة».
مع هذا «الكوكتيل» تجد نفسها فريدة وأحياناً وحيدة، لكنها تؤكد على نضالها من أجل الداخل في بروكسل، وتحديداً من أجل أحياء الأجانب كما من أجل قضايا الشباب.
على صعيد آخر، وجدت النائبة، عقب مشاركتها في المنتدى، أن معاناة المرأة هي نفسها أينما كان، «فهي في بروكسل تعاني من التفرقة والتمييز، إن من ناحية الراتب أو لجهة العنف الممارس ضدّها. غير أنه في الدول الأوروبية هناك آليات وبرامج لمكافحة التمييز، لم ألمس وجودها في العالم العربي».
أما عن الصورة العربية عموماً، فتعتبر أوزدمير أن الإعلام الأوروبي ينقلها بطريقة غير موضوعية، «لكن العرب في المقابل لا يسعون إلى تحسين صورتهم ونقض ما ينقل عنهم».
بالنسبة للبعض يعبّر حجابها عن دعمها للمقاومة في لبنان والدول العربية وعن نصرتها للقضية العربية عموماً والفلسطينية خصوصاً، أما هي فتفضل عدم الانحياز إلى أي من الفريقين العربي أو الإسرائيلي.
كما أن جذورها التركية قد تلقي بثقل المجازر الأرمنية على كاهلها. لكنّها تشير اليوم إلى أنها لم تذكر أنها صرّحت ولو لمرة واحدة أن تلك المجازر ادعاءات. لتعود وتؤكد أنها مهتمة بالداخل البلجيكي... «أنا نائبة في البرلمان البلجيكي» تنهي بحزم، و«عازمة على إيجاد الحلول للمشاكل في بلدي».
لعلّ تلك الثقة لم تنبع من داخلها فحسب بل من تصفيق حاد رافق أول دخول لها إلى المجلس في جلسة افتتاح البرلمان

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا