×

هجمة البناء على الأملاك العامة جنوباً تكشف سر الحملة على المستقبل

التصنيف: سياسة

2011-04-15  09:26 ص  1539

 

من يعرف منطقتي الزهراني وصور جيدا ولا سيما بلدات الخط الساحلي، لن يكون صعبا عليه وهو يتجول فيها مؤخرا أن يلاحظ مدى التغيير الذي طرأ على معالم وواجهات معظم هذه البلدات خلال الأسابيع الأخيرة. ليس بسبب نهضة عمرانية حضارية ولا بسبب ارتفاع حجم الاستثمارات فيها، وانما وبكل بساطة بسبب تفشي ظاهرة ورش البناء المخالفة والتعدي على الأملاك العامة والبحرية في هاتين المنطقتين بشكل غير مسبوق.
فما شهده الجنوب مؤخرا من فلتان كاد يخرج عن السيطرة وعن المألوف في مخالفات البناء، وفي نهش الأملاك العامة وقضم مشاعات الدولة، طرح العديد من التساؤلات حول من هو المستفيد من هذه الفوضى وبالتالي من هو المتسبب بهذه المجزرة بحق الأملاك العامة والبيئة والطبيعية البرية والبحرية ؟.
لكن يبدو أن الجواب على هذه التساؤلات لم يتأخر كثيرا وجاء واضحا وجليا من حيث اتساع رقعة المخالفات من خلال حملة سياسية اعلامية شنتها قوى الثامن من آذار على تيار المستقبل وقوى الأمن الداخلي في محاولة لتحميلهما المسؤولية عما يجري في بعض مناطق الجنوب علما أن هذه المناطق خاضعة لسيطرة ونفوذ "أمل" و"حزب الله".. وان القسم الأكبر من المخالفات يتم من قبل مناصرين او محسوبين عليهما، وفي بلدات تشكل ثقلا اساسيا لهما.
وفي جولة لـ"لمستقبل" في بلدات البيسارية، تفاحتا، الصرفند، السكسكية، عدلون، انصارية، الخرايب، الكوثرية وغيرها من قرى الزهراني، طالعتنا مئات ورش البناء المخالفة على الأملاك العامة والبحرية جارية على قدم وساق في سباق مع الوقت للإستفادة قدر الامكان من هذه الفوضى دون اي حسيب او رقيب.
وخلال شهر فقط، ارتفعت في منطقتي الزهراني وصور آلاف ورش البناء، القسم الأكبر منها على الأملاك العامة والمشاعات والباقي على ابنية قائمة ومخالفة اساسا.
ومعظم من يقوم بورش البناء المخالفة والتعدي على الأملاك العامة محسوب على احد القوتين الرئيستين في الجنوب "أمل" او "حزب الله"، الذي لوحظ أنه يغض النظر عن قيام مناصرين له بهذه المخالفات.
وعلمت "المستقبل" أن طاقة مجابل الباطون المتواجدة على طول الخط الساحلي ومحاذاته تضاعفت خلال الفترة الأخيرة لتستطيع تلبية الطلب على الاسمنت المجبول، حتى ان الطلب تعدى المجابل الموحودة في المنطقة الى أخرى بعيدة عنها في القطاعين الاوسط والشرقي والتي باتت تعمل على مدار الساعة لتلبية الطلبات على الباطون.
بداية المشكلة
وكانت قوى الثامن من آذار تذرعت بأن ظاهرة البناء غير الشرعي هذه تفشت على خلفية قيام ورش بناء مخالفة في منطقة تجمع مهجري يارين في البيسارية الزهراني قبل نحو الشهر واحتجاج اهلها على قمع المخالفات، علما ان هؤلاء الأهالي تحركوا اساسا بسبب غض النظر عن مخالفات بناء أكثر واكبر شهدتها بلدات محيطة بهم بتغطية سياسية من قوى محلية نافذة...بينما ينفذ القانون حتى النهاية مع ورش اقل بكثير في منطقة تجمع يارين التي طالب أهلها بانصافهم ومساواتهم بغيرهم فاما يسمح للجميع بالبناء او لا يسمح لأحد.
لكن استغلال الطرف الآخر لهذه القضية وصل الى أبعد مدى له، فحاول اعطاءه بعدا مذهبيا واتخذه حجة لإطلاق يد مناصريه في مئات ورش البناء في البلدات المحيطة.. والتي بدأت تحت عنوان ترميم واستكمال ابنية مشيدة اساسا على المشاعات في زمن الفوضى، وتطورت الى اقتطاع مساحات كبيرة من أراضي الأملاك العامة والمشاعات على طول الخط الساحلي من الزهراني وحتى الناقورة.
إجتماع في سرايا صيدا
وفي محاولة لتدارك الأمور ومعالجة مشكلة تفشي هذه الظاهرة عقد في قاعة الرئيس رفيق الحريري في سرايا صيدا الحكومي امس اجتماع ضم محافظ لبنان الجنوبي بالحلول نقولا بوضاهر والنائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي سميح الحاج وقائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد منذر الأيوبي مع اصحاب مجابل الباطون في الجنوب، خصص للبحث في وضع آلية لضبط وقوننة عملية تزويد ورش البناء بالباطون والإسمنت بشكل لا تزود بهذه المادة الا الورش القانونية والحاصلة على ترخيص رسمي.
بوضاهر
استهل المحافظ بوضاهر اللقاء بكلمة اشار فيها الى الواقع الذي وصلت اليه فوضى ورش البناء التي تنهش في الأملاك العامة ومشاعات الدولة في العديد من مناطق الجنوب وقال : "الهدف هو أن نستطيع تنظيم الأمور بطريقة قانونية ومنطقية، خاصة وان الترخيص للبناء على الأملاك الخاصة ( عودة العمل برخصة الـ20 مترا من البلديات) بدأ يخفف الضغط عن الأملاك العامة ويمنع المخالفات عنها، وهذا ما يجب أن نتعاون عليه معكم الآن، بأن نجد الية للتعاون وهي على الشكل التالي : وضع اسم الشركة، وفي حال طلب شخص مواد معينة أو باطونا، يتم تسجيل الكمية المطلوبة واسم الشخص، ويجب أن تكون لديه رخصة قانونية، اي ممنوع اعطاء اي شخص مخالف، ويجب أن تعرفوا الى اين سيأخذ الكمية.. وهذا سيكون عليه رقابة فيما بعد، وقائد المنطقة سيكلف الدرك ليراقبوهم تباعا، وكذلك مصلحة الصناعة في الجنوب كونها معنية بمجابل الباطون ستقوم من جهتها بالرقابة المطلوبة. كل ما نريده منكم ان تعملوا بطريقة مشروعة، وكل الأمور ستعالج. وهناك امر بمسعى من العميد الأيوبي والنائب العام الاستئنافي أن الأبنية التي بدأ بها العمل في السابق واوقفت لإعتبارات قانونية سيعاد العمل بها ويتابع لكن ضمن احترام التراجعات والمسافات، وان لا يكون هناك تنازع على الملكية ".
الحاج
ثم تحدث القاضي الحاج فقال:" نحن يهمنا أن جبالة باطون تريد ارسال بضاعة ان تكون لديها صورة عن الترخيص القانوني. وعندما تريدون نقل المواد الى ورشة، يهمنا أن يكون هناك مع الجبالة صورة عن الترخيص القانوني بالبناء. واي آلية تسير على الطريق ذاهبة الى قرى فيها تعد على الأملاك العامة، وليس لديها صورة عن الترخيص القانوني سيتم حجزها. يجب أن نتعاون لضبط الوضع في هذه القرى. لذلك يجب أن نتفق على آلية عمل".
الأيوبي
وتحدث العميد الأيوبي فقال: "كما نحن مسؤولون انتم اصحاب مؤسسات لديكم مصالح، وانتم معنيون بالجنوب وبأرض الجنوب كما نحن معنيون، وبالتالي ما تتعرض له ارض الجنوب من تدمير ممنهج وواقع غير صحي للمشاعات يمس الدولة ويمس الانتظام العام ويمسكم انتم شخصيا لأنكم تكونون تشاركون بالجريمة بشكل غير مباشر . هذا الاجتماع مضمونه أننا نلتقي مسؤولين لمؤسسات صناعية تحترم نفسها ولديها رصيدها في العمل الصناعي ولديها رصيدها الاجتماعي. ونحن نحملكم مسؤولية مباشرة وغير مباشرة للتعاون معنا، انتم معنيون بهذا الأمر وما نطلبه منكم ببساطة هو بيع مادة الباطون أو مواد البناء فقط للناس الحائزين تراخيص ولا نطلب منكم اكثر من ذلك. الشخص الذي يريد ان يشتري و لديه رخصة بلدية، رخصة محافظ، رخصة تنظيم مدني، يمكن ان تبيعوه، ولكن نحن في نفس الوقت نأسف انكم تبيعون مواد لأشخص يدمرون مشاعات الوطن ويدمرون بيئة الوطن وانتم تشاركون معهم لمجرد الكسب المالي. هذا بلدنا ووطنا وانا لا اطلب منكم الا الغيرة على الجنوب وعلى اهل الجنوب. ليس المطلوب أن نكون في مواجهة الناس ولا نحن نقبل أن تتوجه بنادقنا الى صدور اهلنا في الجنوب، هذا الشعب عانى ووقف بوجه العدو وكل ما نستطيع أن نقوم به، ان نستمر بمنع مخالفات البناء لأننا معنيون بتطبيق القانون، وبحسن تطبيق القانون. الدولة حاسمة في قمع المخالفات وفي تطبيق القانون.. لكن لن نوجه سلاحا الى صدر امرأة وطفل وكهل يحتجون على الطريق، بل سنطبق القانون على الذي يحرضهم على النزول.. وعلى قطع الطريق والذي يحرضهم على مواجهة القوى الأمنية.. هناك من يحاول أن يستغل الواقع الاجتماعي للناس في المنطقة ويحرضهم على التحرك.. نحن مسؤولون وسنتحمل مسؤوليتنا لكن هذا الموضوع له علاقة بأزمة اجتماعية كبيرة وبانتظام عام. ولن نترك الأمور تفلت. نتمنى ان تكونوا على قدر المسؤولية وان تقابلوا هذه المبادرة بتحمل المسؤولية بارادة طيبة.
وكانت القوى الأمنية في الجنوب اوقفت مؤخرا أكثر من اربعين شخصا في منطقتي الزهراني وصور بجرم التعدي على الأملاك العامة، وقامت بحجز 32 جبالة باطون وآلية كانت تستخدم في عمليات بناء غير شرعية.
بناء فوق الأبنية المخالفة شرق صور
وتشهد المناطق الواقعة الى الشرق من مدينة صور كما في عدد من القرى التابعة لها عددا كبيرا من مخالفات البناء منها ما كان متعلقا بالبناء من دون تراخيص نظرا لعدم استيفائه الشروط القانونية ومنها ما يتعلق بالبناء على البناء في الاملاك العامة.
وفي هذا لاطار يعترف البعض ممن قاموا بهذا المخالفات انهم ما كانوا ليقوموا بها لو لم تسد بوجههم السبل. ويشيرون الى انهم كانوا تقدموا، منذ العام 2006 الى السلطات الادارية بطلبات لترميم مساكنهم التي تأثرت بفعل الاعتداءات الاسرائيلية ولكن قلة قليلة من بينهم كانت محظوظة بالموافقة على الطلبات فيما اوصدت الابواب بوجه الكثيرين حتى تأكلت الاسقف وبدأت بالسقوط ويذكرون بان عائلتين كانتا نجتا باعجوبة قبل اشهر بعدما سقط سقفا منزليهما عليهما، وهو ما ينسحب على الكثير من المنازل في مناطق الزراعة والمساكن الشعبية والبرج الشمالي التي لو انتظرت من دون ترميم حتى حلول الشتاء المقبل لربما وقعت اكثر من كارثة.
ويرفض المواكبون التحدث عن اي اعتداءات جديدة على الاملاك العامة، لكنهم يتحدثون عن مخالفات واقعة على المخالفات بمعنى ان اي بناء جديد باساسات جديدة لم يحدث ولكن من كان لديه منزل مبني سمح لنفسه بالبناء عليه ويذكرون بان اصحاب تلك المنازل سبق وتقدموا بطلبات تسوية لابنيتهم ودفعوا ما يتوجب عليهم من رسوم تجاوزت قبل اكثر من عشر سنوات المليوني ليرة لبنانية عن كل طلب ولكن حتى اليوم لم يتم البت باي من تلك الطلبات.
ودرءا لاي اعتداء محتمل على الاملاك العامة سارعت بلديتا البرج الشمالي وصور الى وضع اليد على العقارات العامة ومنعتا البناء عليها وهو ما بدا واضحا في منطقة الزراعة حيث اشرف رئيس بلدية البرج الشمالي علي عبدالله على اعمال رفع السواتر الترابية لحماية عقار هناك وذلك بمؤازرة من امر فصيلة درك صورالرائد احمد علي احمد على رأس قوة من قوى الامن الداخلي.
حملة لقمع المخالفات في الضاحية والجنوب
وأفاد موقع "القوات اللبنانية" ان الجيش اللبناني بدأ بمؤازرة قوى الأمن الداخلي حملة واسعة لقمع مخالفات البناء على المشاعات خصوصاً في الضاحية الجنوبية لبيروت ومحافظتي الجنوب والنبطية.
ونقل الموقع عن "مصادر في قوى الأمن" قولها "ان وحداتها التي كانت تعمل لقمع هذه المخالفات تعرضت لـ22 اعتداء في خلال يومين في الضاحية والجنوب، ما أسفر عن وقوع عدد من الجرحى في صفوف قوى الأمن وأضرار بالغة في الآليات العسكرية.
كما نقل الموقع عن مصادر مطلعة "ان المناطق التي يكثر فيها وجود عناصر حركة "أمل" هي التي تشهد أكبر نسبة من المخالفات رغم وجود كتاب من وزير الأشغال بعدم منح رخص بناء في المشاعات في هذه المناطق ورغم إعلان محافظي الجنوب والنبطية التزامهما بقرار المنع".
وأكدت المصادر ان أحد نواب "حركة أمل" في الجنوب شيّد بناء له في أرض مشاع، كما أن أحد رؤساء البلديات المحسوب على الحركة في منطقة الزهراني شيّد فيلا تُشرف على مدينة صيدا على أرض تملكها قوى الأمن الداخلي وهي مخصصة لبناء سجن في الجنوب، ويمنع رئيس البلدية هذا قوى الأمن من الحضور الى المكان لمعاينته وإعداد الخرائط المتعلقة ببناء السجن.
وأشارت المصادر المطلعة على الملف، الى وجود مخالفات أخرى يحاول الثنائي "أمل حزب الله" رمي المسؤولية فيها على النائب بهية الحريري وذلك في إشارة الى بعض المباني التي شيدها ابناء يارين في منطقة البيسرية عقب تهجيرهم من بلدتهم في حرب تموز 2006.
وقالت هذه المصادر: "صحيح ان هذه المباني مخالفة ولكنها نقطة في بحر المخالفات الممتدة من الهرمل وبعلبك مروراً بالضاحية ووصولا الى أقصى الجنوب".

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا