×

تفّاحة بدل السيجارة مقايضة في المطار

التصنيف: سياسة

2011-06-01  09:35 ص  1106

 

 

اختار نشطاء جمعية «حياة حرة بلا تدخين» موقعاً مثالياً لإطلاق الصرخة الأكثر شهرةً في عام ٢٠١١ «الشعب يريد». هذه المرة الشعب لم يكن يريد تغيير النظام، بل تطبيقه في مطار رفيق الحريري الدولي، المرفق العام الذي يُفترض بحسب «القوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء» أن يكون خالياً تماماً من التدخين
بسام القنطار
بدءاً من الثامنة صباحاً خاض طلاب مدرسة الفرير فرن الشباك حملة لإقناع المسافرين عبر مطار رفيق الحريري الدولي باستبدال منتجات التبغ التي يحملونها بفاكهة لبنانية.
ترمز الفاكهة، وفق جمعية «حياة حرة بلا تدخين»، الى صورة لبنان الصحية، بدل الصورة البشعة التي تُظهرها السوق الحرة في المطار، التي توفر منتجات التبغ الأرخص في العالم على الأرجح، بسبب الإعفاءات الجمركية المعطوفة على أسعار غير خاضعة لضرائب مباشرة مرتفعة، مقارنةً ببقية دول العالم المصدّقة على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ.
«من المعيب أن يغادر السائح لبنان حاملاً هدية تذكارية عبارة عن سموم تباع بأسعار تشجيعية، بدل أن يحمل معه التفاح والليمون والصعتر والحلوى»، بحسب الناشطة في الجميعة رانيا بارود.
حملة التوعية والمدافعة لإقرار قانون منع التدخين في الأماكن العامة في لبنان، التي أطلقتها الجمعية لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين2011، ستنفّذ في مطار بيروت طيلة هذا الأسبوع، بعدما استحصلت الجمعية على أُذونات لطلاب المدارس بأن يكونوا حاضرين في السوق الحرّة ومنطقة وصول المسافرين ومغادرتهم في المطار، كما ستنظم الجمعية دورات تدريبية لموظفي المطار والقوى الأمنية لتطبيق قانون منع التدخين.
يفاخر الضابط المسؤول عن المحطة الأولى لتفتيش المسافرين، بإنجازات فريق المفتشين الذين يضبطون المواد الممنوعة. «غالباً ما ينسى السائح الذي يتعاطى المخدرات مواد ممنوعة في حقائبه أو في جيبه فيقاد مخفوراً، وتُتّخذ في حقه الإجراءات القانونية»، يقول الضابط، لكن ماذا عن منع التدخين ؟ «للأسف يجري أحياناً التساهل في هذا الأمر، باعتبار أن قرار منع التدخين في الأماكن العامة لا يطبّق بحزم، لكني شخصياً حرّرت عدة مخالفات بحق مسافرين في حرم المطار. المخالفة تُرفع الى القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا، الذي يُترك له أمر تقدير قيمة الغرامة» يجيب الضابط.
تمثّل قاعة تسجيل المسافرين وشحن الأمتعة نموذجاً مخزياً لانفلات إعلانات التبغ والتنباك من أي قيود وضوابط. في وسط البهو الطويل تعلو لوحة ضخمة لمنتج دخان مشهور. يصعب على المحدّق بصورة الفتاة التي يظهرها الإعلان قراءة المساحة الضيقة التي تحوي تحذير وزارة الصحة «التدخين يضر بالصحة وننصح بالامتناع عنه».
وينص مشروع قانون الحد من التدخين، الذي أحالته لجنة الإدارة والعدل في المجلس النيابي على الهيئة العامة مطلع نيسان الماضي، على فترة سماح لإعلانات التبغ تمتد ستة أشهر من تاريخ إقرار القانون، على أن يُمنع بعدها الإعلان عن المنتجات في جميع وسائل الإعلام والإعلان بما فيها الإلكترونية منها، مع حظر إضافي يمنع تسلل شركات التبغ الى السوق عبر رعاية الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية والأهلية (رعاية شركة التبغ اليابانية لحملات سلامة السير في لبنان مثالاً).
المشهد في السوق الحرة أكثر وضوحاً، حيث تحتل منتجات التبغ أكثر من ٢٥% من مساحة السوق، التي صمّمت رفوفها بعناية لافتة، وخُصص جزء منها لعرض منتجات السيجار ومستلزماته. هناك رفع الطلاب لافتات كُتب عليها «طفّيها قبل ما تطفيك»، وهتفوا «الشعب يريد منع التدخين»، كما أدى الشاب خليل نبهة (لقبه جبهة) أغنية راب تقول: «عن خبرة عم احكيكن خدو مني إشارة/ بلكي بقدر وعيكن بلشت معي بسيجارة/ فكرت حالي رجال وصار عندي حياة جديدة/ صرت اتعب كل ما امشي واتنفس بصعوبة/ حتى البنت ليكانت تمشي معي بتتهرب مني بسهولة/ رفقاتي بعدو عني/ بتعب كل ما غني/ مع اني بعرف اني/ مبسوط بس مش هنِي».
التظاهرة المرخصة من رئاسة المطار لم تُعجب إدارة السوق الحرة، حيث سارع كبار الموظفين فيها الى الحضور، طالبين من وسائل الإعلام عدم التصوير، لكن الطلاب أصروا على إكمال حملتهم، ونجحوا في ملأ مستوعب كبير بعلب الدخان التي استُبدلت بالفاكهة، ومن بين المتجاوبين سيدة كويتية اختارت طوعاً أن تستبدل علبة سجائر بتفاحة حمراء.
اللافت أن معظم منتجات التبغ في السوق الحرة مرفقة بتحذير «التدخين يقتل»، الذي يحتل مساحة ٤٠٪ من علبة السجائر، وذلك تماشياً مع المعايير الدولية، فيما تفتقد المنتجات في السوق اللبناني هذا التحذير. وتطالب الجمعيات الأهلية بإلزام شركات التبغ وضع صورة تحذيرية على منتجاتها، لكنّ مشروع القانون أناط هذا الأمر بمرسوم يصدر عن وزارتي الصحة والمال، الأمر الذي يعدّه النشطاء تهرباً من المسؤولية، وانتصاراً مؤقتاً لشركات التبغ التي ضغطت باتجاه «تهريب» هذا الإجراء ومنع وروده في النص القانوني، الذي يُفترض أن تصدّق عليه الهيئة العامة في أول جلسة تعقدها في ٨ حزيران القادم.
بطل التسلق اللبناني مكسيم شعيا، الذي شارك الطلاب في الحملة، قال لـ«الأخبار»: «رفضت الكثير من العروض من شركات التبغ والكحول، التي عرضت منحي رعاية مالية لأنشطتي، ورغم أن أحد العروض كان يمكن أن يحقق لي شهرة كبيرة، رفضته لقناعتي بأن الرياضة يجب أن تكون بعيدة عن رعاية المنتجات المضرة بالصحة والبيئة».
بدورها أعلنت رئيسة جمعية «حياة حرّة بلا تدخين» نادين كيروز القراب أنها فخورة بالطلاب الذين يعرفون أكثر من أهلهم مضار التدخين. «المدارس مدخل مهم للتوعية، وخصوصاً ضد النرجيلة التي تغزو عقول الطلاب». تقول كيروز، التي أسست الجمعية إثر وفاة والدها المحامي أنطوان كيروز بسرطان الرئة من جراء التدخين. وتعمل الجمعيّة منذ تأسيسها عام ٢٠٠٠ على التوعية من خطر السيجارة والنرجيلة، وقد شملت حملاتها الى الآن أكثر من38560 مراهقة ومراهقاً في أكثر من 150 مدرسة خاصّة ورسمية، كما أسّست 108أندية ضدّ التدخين في 13 مدرسة وقّعت شرعة «مدارس خالية من التدخين».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا