×

أول حوار للرئيس محمود عباس لصحيفة عربية بعد مؤتمر فتح وانتخابه رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية

التصنيف: سياسة

2009-09-07  05:09 ص  1518

 

 

رام الله - هيثم زعيتر:

أطلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس <أبو مازن> جملةً من المواقف المتعلقة بالواقع الفلسطيني والعلاقات مع لبنان والمكانة الخاصة التي يكنها له، وتنسيق العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، عارضاً الحراك السياسي والإتصالات الدولية لإجبار <إسرائيل> على وقف سياسة الإستيطان العنصرية، ووقف بناء الجدار العنصري ومحاولات تهويد القدس، والسعي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف··

جاء ذلك في أول حوار خص به الرئيس الفلسطيني جريدة <اللـواء>، رغم كثافة انشغالاته والضغوطات الهائلة التي لاحقته، تحضيراً للسفر في جولة عربية وغربية - بدأ القيام بها·· بعد اعادة انتخابه رئيساً وقائداً عاماً لحركة <فتح> بالتزكية والإجماع، ونجاح عقد المؤتمر العام السادس للحركة في بيت لحم، وكذلك عقد جلسة خاصة لـ <المجلس الوطني الفلسطيني> جرى خلالها ملء 6 شواغر في اللجنة التنفيذية لـ <منظمة التحرير الفلسطينية>··

وحرص الرئيس الفلسطيني على أن تكون هذه المحطات داخل الأراضي الفلسطينية، بما تعني وتحمل من رسائل ومدلولات متعددة، بحيث كان المؤتمر الفتحاوي الأول بعد 21 عاماً، إنطلاقة جديدة نحو الحرية والإستقلال، وضخ دم جديد إلى الأطر الحركية - اللجنة المركزية والمجلس الثوري، بحيث ضما جميع الآراء المتنوعة داخل الحركة من مؤسسين وسياسيين ومفاوضين وأمنيين، فضلاً عن أسرى، أفرج عنهم ومنهم ما زالوا داخل زنازين الإحتلال··

وبدا الرئيس <أبو مازن> خلال اللقاءات المتعددة، التي التقيناه فيها بمناسبات كثيرة، كم تحمّل سهاماً كثيرة من الأصدقاء والإخوة قبل الأشقاء والخصوم·· ورغم ذلك أعلن عن طي الصفحات القديمة وفتح صفحات جديدة، لأن الحوار ضروري - كما قال - رغم حالة الإنقسام الصعبة والمؤلمة بين أبناء القضية الواحدة، والهدف واحد هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتفعيل المؤسسات الفلسطينية سواءً في المنظمة أو السلطة أو <فتح>··

من يتمعن جيداً خلف نظارة الرئيس الفلسطيني، يُمكنه أن يستشف في عينيه مدى بصيرته المتيقظة الكامنة لحكمته ورصانته، وامتيازه بحسن الإصغاء والاستشارة قبل اتخاذ القرار الحكيم، وهي ميزات إكتسبها على مر السنوات، فهو الفدائي والمقاوم والمناضل والقائد والمفاوض، دون أن يُسقط حق المقاومة المشروع·· والجاهز لتخطي الصعاب، وإبطال مفعول العبوات والألغام في طريق محفوف بالمخاطر··

ومن موقع أعلى مسؤول فلسطيني، عبّر الرئيس <أبو مازن> بكل شفافية ووضوح وجرأة عن تقييمه للمرحلة السابقة، ورؤيته للإستحقاقات المقبلة·· فهو بحق إنموذج للوفاء، الذي لم ينسَ من وقف مع حركة <فتح> والثورة الفلسطينية في أصعب الظروف وأحلكها، بل ويجاهر بذلك علانية·· وهكذا كانت التجربة مع <اللـواء>، حيث وجّه لها التحية، فهي كانت الصحيفة العربية الأولى التي نشرت البلاغ الأول للثورة الفلسطينية في العام 1965··

 

وفي ما يلي نص الحوار مع الرئيس الفلسطيني··

 

 

تفعيل المؤسسات في <فتح> و<منظمة التحرير>

لماذا الآن توقيت تفعيل المؤسسات في حركة <فتح> و<منظمة التحرير الفلسطينية>؟

- كنا نسعى لتحقيق ذلك منذ زمن بعيد، فبالنسبة لحركة <فتح> كان لا بد من عقد مؤتمر الحركة لتفعيل دور مؤسساتها القيادية، خاصة وأن مؤتمرنا الخامس عقد في تونس عام 1989 في ظل ظروف مختلفة، سواءً بالنسبة للمشاركين وكان معظمهم من المناضلين من خارج الوطن، أم بالنسبة لمسؤوليات الحركة التي أصبحت تقود السلطة الوطنية الفلسطينية، مع كل المسؤوليات المترتبة عليها سياسياً، وكذلك اقتصادياً واجتماعياً لشعبنا في الضفة والقطاع·

لقد اقتضى الإعداد للمؤتمر السادس نحو خمسة سنوات شهدت صعوبات كان بعضها خارج إرادتنا، ولكن الهدف كان باستمرار ضرورة عقد المؤتمر وقد تمكنا أخيراً والحمد لله من عقده في مدينة بيت لحم، حيث جرى نقاش سياسي مسؤول، وتمت ممارسة الديمقراطية بأفضل أساليبها ثم انتخاب لجنة مركزية جديدة، ومجلس ثوري جديد، ضخا دماء جديدة، وهذا بحد ذاته عامل صحة وعافية لأية حركة سياسية·

وأما بالنسبة لتفعيل مؤسسات <منظمة التحرير> فالمعروف أننا حاولنا منذ عام 1988، أن نُشرك حركة <حماس> في مؤسسات المنظمة ولكنهم رفضوا ووضعوا شروطاً تعجيزية بالنسبة للعدد الذي يريدونه في المجلس الوطني وهو 40% من أعضائه·

واستمرت محاولات إشراك <حماس> بعد دخولنا إلى الوطن، ودعوناهم للمشاركة في دورة المجلس عام 1996، ثم أجرينا حوار القاهرة وتوصلنا إلى اتفاق عام 2005، وبعد حصول <حماس> على أغلبية في انتخابات المجلس التشريعي كررنا مطالبتنا لهم بدخول المنظمة ولكن على أساس أنظمتها وقراراتها وليس بموجب شروطهم التي تعني الإنقلاب على المنظمة·

وهكذا كنا في المرحلة الماضية حريصون على حماية المنظمة ومؤسساتها، وفي نفس الوقت أبقينا الباب مفتوحاً أمام التنظيمات الفلسطينية التي نشأت بعد سنوات عديدة من قيام المنظمة، ولم يكن هناك تناقض ما بين الأمرين، ولهذا تواصلت اجتماعات المجلس المركزي الذي اتخذ قرارات هامة، وكذلك اجتماعات اللجنة التنفيذية التي فقدت خلال السنوات الماضية ستة من أعضائها على رأسهم قائدنا المرحوم <أبو عمار>، فكان لا بد من المحافظة على النصاب القانوني لأعضاء اللجنة التنفيذية فتمت الدعوة حسب النظام لاجتماع المجلس الوطني لانتخاب ستة أعضاء جدد·

والآن نحن أمام مرحلة جديدة تتطلب تفعيل كل مؤسسات المنظمة·

أمامنا تحديات ومسؤوليات كبيرة

هل أن ذلك مرتبط بإستحقاقات ما للمرحلة المقبلة؟

- سواءً كانت هناك استحقاقات أم لا، فالأمر الأساسي هو وجود الشرعية، وهذه الشرعية تُستمد من الإنتخاب الديمقراطي، وبالطبع أمامنا تحديات ومسؤوليات كبيرة تقتضي تحمل الجميع لمسؤولياتهم·

المفاوضات بحد ذاتها ليست هي الهدف

في ظل رفض رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقديم تنازلات، واستمرار سياسة الإستيطان الإسرائيلية وبناء الجدار العنصري وتهويد القدس، هل ما زالت مفاوضات السلام ممكنة ؟

- أعلنا بصراحة أن المفاوضات بحد ذاتها ليست هي الهدف، فبدون إلتزام <إسرائيل> بما يتوجب عليها القيام به حسب خطة خارطة الطريق، وتوصيات أنابوليس، وغيرها من مرجعيات عملية السلام المُقره دولياً، تصبح مفاوضات من أجل المفاوضات فقط·

 

وأعتقد أن هناك تفهماً واسعاً لموقفنا على الصعيد الدولي، بما في ذلك إدارة الرئيس الأميركي (باراك) أوباما، والتي تؤكد على التوقف التام للنشاط الاستيطاني بكافة أشكاله وفي مختلف أرجاء الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية المحتلة·

لا يوجد لقاء قريب مع نتنياهو

هل هناك اجتماع قريب مع نتنياهو؟

? إن اللقاءات ليست المشكلة أو الهدف بحد ذاته، وحتى هذه اللحظة لا يوجد ذلك على جدول أعمالنا، ونحن ننتظر ما سيحمله السيناتور جورج ميتشل في زيارته بداية الشهر·

إقامة الدولة الفلسطينية مصلحة أميركية

هل تتفاءلون بوعد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإقامة الدولة الفلسطينية، أم أن <اللوبي اليهودي> سَيحول دون تحقيقها؟ - هناك موقف واضح وقوي للرئيس (باراك) أوباما وإدارته بشأن إنهاء هذا الصراع، وعلى مختلف المسارات، وتَعتَبر الولايات المتحدة أن إقامة الدولة الفلسطينية هو مصلحة أميركية وهذا ما سمعناه أكثر من مرة، والمبعوث الأميركي جورج ميتشل يواصل مهمته بكل نشاط، ولا نستطيع إلا أن نتعامل بكل ايجابية مع هذا الموقف·

وأعتقد أن ما يقوم به الأشقاء العرب من اتصالات مع الإدارة الأميركية، وخاصة مع الكونغرس، وحتى مع المنظمات اليهودية الأميركية من شأنه أن يُبين أن السلام هو مصلحة للجميع، وأن لا سلام مع الإستيطان، وأن <إسرائيل> إما أن تبقى جزيرة محاصرة أو تصبح جزءاً من المنطقة·

ولذلك، نحن لا نكتفي بالنوايا، وإنما نعمل من أجل أن تتحول هذه النوايا إلى حقائق وهذا هو أحد أسباب حركتنا السياسية والدبلوماسية المتواصلة مع الأطراف الدولية·

هناك تكامل ما بين عمل المنظمة والسلطة

يُلاحظ أن هناك تداخلاً في الصلاحيات بين <منظمة التحرير الفلسطينية> والسلطة الوطنية، كيف يتم العمل لتلافي ذلك؟ - <منظمة التحرير> هي مرجعية السلطة، والسلطة مسؤولة عن الوضع الإقتصادي والإجتماعي والتربوي وغير ذلك من الشؤون التي تقوم بها أية حكومة تجاه شعبها، وأعتقد أن هناك تكاملاً ما بين عمل المنظمة وعمل السلطة في ظل الظروف الخاصة التي نعيشها·

لا بديل عن الحوار لإنهاء حالة الإنقسام

هل تعتقدون أن الحوار الفلسطيني ما زال ممكناً، وما الذي يحول دون توقيع الإتفاق؟

? لا بديل عن الحوار لإنهاء حالة الإنقسام رغم كل الصعوبات، والمعوقات التي لا زالت تواجهنا، والذي يحول حتى الآن دون توقيع الإتفاق بالرغم من كل الجهود المشكورة والمقدرة لأشقائنا في مصر خصوصاً، وكذلك بعض الدول العربية والصديقة·

وأرى أن الحل يتمثل في العودة الى صناديق الإقتراع واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة في 24 كانون الثاني 2010 وعلى أن تتم تحت إشراف ومراقبين من الدول العربية الشقيقة ومن دول العالم من الألف إلى الياء· لضمان النزاهة والشفافية وعلى الجميع عندها أن يقر بالنتائج، فعندما تختلف الأحزاب والحركات في الدول الديمقراطية فإنها تلجأ إلى صناديق الإقتراع وليس إلى صناديق الرصاص·

مبادرة السلام العربية صالحة وضرورية

هل ما زالت مبادرة السلام العربية صالحة كأساس للتفاوض·· وهل من الممكن أن يستمر الإنتظار في ظل الممارسات الإسرائيلية؟ - نعم لا زالت هذه المبادرة صالحة وضرورية، ويوماً بعد يوم نجد أن هناك تأييداً دولياً واسعاً، وقد أصبحت جزءاً من قرار لمجلس الأمن الدولي، أما الحديث عن استمرارها فهذا أمر يتعلق بالسلوك الإسرائيلي، وتعاطي المجتمع الدولي مع هذا السلوك·

لن نرضى عن وطننا بديلاً

هناك نغمة بتوطين الفلسطينيين حيث يتواجدون، بماذا تطمئنهم؟

- لن يكون هناك حل لهذا الصراع في المنطقة بدون حل لقضية اللاجئين·· ولذلك فان هذه القضية الأساسية هي إحدى قضايا الحل النهائي، وقد أكدنا، كما أكدت مبادرة السلام العربية على حل هذه القضية يجب أن يكون وفق القرار 194·

أما بشأن هذه النغمة، فيؤسفني أن أقول بأن هناك من يستغلها بين وقت وآخر لحسابات وبأننا ضيوف في لبنان إلى أن تحل قضيتنا، ولن نرضى عن وطننا بديلاً·

إعادة إعمار مخيم نهر البارد أمر يُشغلنا

الفلسطينيون دفعوا ضريبة مجموعة إرهابية خطفت مخيم نهر البارد، هل سيادتكم مطمئن إلى إعادة الإعمار؟

- تلك المجموعة الإرهابية، ارتكبت جريمة لا يُمكن غفرانها، بحق أبناء شعبنا في مخيم نهر البارد أولاً، وبحق لبنان وشعبه وجيشه وقوات أمنه، وهو ما أدى إلى تدمير المخيم بقسميه القديم والجديد، وإعادة اعماره بعد أكثر من سنتين على هذه المأساة أمر يشغلنا كما يشغل الحكومة اللبنانية و>الأونروا>، ونرجو أن تتوفر وبأسرع فرصة ممكنة الأموال اللازمة لإعادة الأعمار وأن يكون هناك اتفاق بشأن هيكلية إعادة بناء المخيم·

لبنان له مكانة خاصة لدى كل الفلسطينيين

كيف تقيّم العلاقة مع الدولة اللبنانية؟

- تربطنا أفضل العلاقات الأخوية مع مؤسسات الدولة اللبنانية ومرجعياتها الدستورية، وأنا على تواصل دائم مع فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومع رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء، ومع كل الإخوة قادة الأحزاب اللبنانية، وكذلك المرجعيات الدينية·

فلبنان له مكانة خاصة في قلوب وضمائر كل الفلسطينيين، ونحن نحرص على علاقاتنا من خلال الأطر الشرعية اللبنانية، ونبحث هموم واحتياجات اللاجئين الفلسطينيين مع مؤسسات الدولة، ونريد للبنان الإستقرار والتقدم، وأن يبقى واحة للديمقراطية ومثالاً للتعايش في منطقتنا·

قضية فلسطين هي قضية الأمة العربية

كيف تنظرون إلى الدعم العربي، وهل سيادتكم مرتاح إلى هذا الدعم؟

- قضية فلسطين هي قضية الأمة العربية، وقد قدمت هذه الأمة أغلى التضحيات من أجل قضيتنا، ونحن اليوم على أفضل العلاقات مع الدول العربية كافة، وهذه الدول تقدم أشكالاً متعددة من الدعم والمساعدة التي تُمكننا من الصمود، كما أن التنسيق بيننا وبين أشقائنا متواصل ودائم، وهناك وضوح تام حول كل المسائل المتعلقة بمصيرنا المشترك·

Hz@janobiyat.com

 

 

 

 

*<فتح> تصدر كتاباً يوثّق سيرة الرئيس محمود عباس وتاريخ الثورة الفلسطينية

أصدرت حركة <فتح> مكتب الشؤون الفكرية والدراسات، كتاب <الرئيس محمود عباس: صفحات مشرقة من تاريخ الثورة الفلسطينية - شهادة تاريخية>·

?ويأتي الكتاب في إطار المشروع الذي أطلقه مكتب الشؤون الفكرية والدراسات في حركة <فتح>، لتسجيل وتوثيق تاريخ الثورة الفلسطينية في محطاته المختلفة، حيث سجل القائمون على الكتاب 50 ساعة مع عدد كبير من قادة وكوادر الرعيل الأول، ووثقوا مادة تاريخية هامة بهدف الحفاظ على التجربة·

وتم نشر هذه المادة ضمن برنامج <تاريخ الثورة الفلسطينية>، من خلال تلفزيون فلسطين، ثم سجل في كتاب للنشر والتعميم والفائدة ليكون متوفراً أمام الباحثين والدارسين·

?وأشارت حركة <فتح> الى أن هذا الكتاب هو الأول، وفاتحة لسلسلة من الكتب، التي تمثل شهادات تاريخية من قادة وكوادر تاريخيين حول أبرز المحطات التي مرت بالثورة، وأبرز عناصر التجربة السياسية والعسكرية والتنظيمية لحركة <فتح> ومختلف الفصائل الفلسطينية·

ويتألف الكتاب من خمسة فصول، ويقع في 138 صفحة من القطع الوسط، واحتوى على عدة لقاءات مع الرئيس محمود عباس <أبو مازن> تمثل شهادات تاريخية على امتداد زمن طويل·

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا